مصدران لحجّ أي قصد. وقد قرىء بهما في السبع. وقيل : المفتوح مصدر والمكسور الاسم. وأصل الحجّ لغة القصد ، وجعل في الشرع قصدا مخصوصا لمكان مخصوص في زمان مخصوص على هيئات مخصوصة حسبما بينّاها في «الأحكام».
قوله تعالى : (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ)(١) قيل : يوم عرفة ، لأن عرفة معظم الحجّ. قال عليه الصلاة والسّلام : «الحجّ عرفة» (٢). وقيل : جعل أكبر لمقابلته بالعمرة ؛ فإنّها يقال فيها الحجّ الأصغر ، وفيه حديث.
وقيل : الحجّ : الإتيان مرة بعد أخرى. ومن أمثالهم : «لجّ فحجّ» (٣) أي تمادى في لجاجه حتى حجّ بيت الله. وقيل : الحجّ : العمل ، والحجّ : الغلبة بالحجة. والحجة هي الكلام المستقيم ، ومنه قوله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ)(٤). وقيل : الحجة : الدّلالة المبيّنة للحجة أي المقصد المستقيم الذي يقتضي حجة أحد النّقيضين. وقوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ)(٥). فجعل ما يحتجّ به الذين ظلموا حجّة ، وإن لم يكن حجة ، كذلك قول الشاعر (٦) : [من الطويل]
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم |
|
بهنّ فلول من قراع الكتائب |
أي إن كان ثمّ حجة إلا حجة ظالمين. كما أنّه إن ثبت فيهم عيب فليس ثمّ عيب إلا هذا.
وقوله : (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ)(٧) سمّى الحجّة داحضة على زعمهم أي إن كان لهم حجة فهي داحضة. قوله : (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ)(٨) أي غالبوه في الاحتجاج. وحقيقة المحاجّة أن يطلب كلّ واحد من المحاجّين ردّ صاحبه عن حجّته أو محجّته. ومنه : (قُلْ أَ تُحَاجُّونَنا فِي
__________________
(١) ٣ / التوبة : ٩.
(٢) رواه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم. «كشف الخفاء : ١ / ٣٥١».
(٣) يضرب لمن لا يزال يطلب الشيء حتى يظفر به. وقيل : هو من الحج. وأصله أن رجلا غاب عن أهله حتى حج ولم ينو الحج أول مغيبه (المستقصى : ٢ / ٢٧٩).
(٤) ١٤٩ / الإنعام : ٦.
(٥) ١٥٠ / البقرة : ٢.
(٦) البيت للنابغة الذبياني في مدح الغسانيين (الديوان : ٦٠).
(٧) ١٦ / الشورى : ٤٢. وما بعده في الأصل : سمي الداحضة حجة ، فقلبناهما.
(٨) ٨٠ / الأنعام : ٦.