بسم الله الرّحمن الرّحيم
المقدمة
الحمد لله مالك الملك ، عليه العون والاتّكال. وهو نعم المولى ونعم النصير.
منذ أربع سنوات ونيّف ـ وقبل أن تنقل المكتبة الأحمدية الزاهرة إلى دمشق ـ ونحن عاكفون على تحقيق «عمدة الحفاظ» ، بعد أن اطّلعنا عليها ، وأخذنا بمجهود مؤلفها السمين الحلبي ، وبسعة ثقافته.
والذي دفعنا إلى هذا العمل الضخم إيماننا بأن تراثنا جذر تاريخنا وعلومنا ، وبأن نشرنا له اعتزاز لنا وفخار. ورغم أننا مؤمنون بعناء التحقيق ، وقلة العون ، وإجحاف المؤسسات الثقافية ، وتقصيرها في مدّ يد المساعدة للباحثين والمحققين ، فإننا آلينا على أنفسنا بين الحين والحين ، أن نسهم في إراءة النور لبعض كنوزنا الدّفينة. ولقد يسّر الله علينا نشر مجموعة نضرة من المخطوطات كدمية القصر ، أو ما كان مؤلفها حلبيا ، أو أنه ألفها حول حلب مثل «معادن الذهب في الأعيان المشرّفة بهم حلب».
وإننا إذ نفخر بالسمين الحلبي ، الذي فاق علماء زمانه بمؤلفاته وتصانيفه ، لنفخر أيضا بأن كتابين كبيرين من كتبه يطبعهما اثنان من أبناء بلدته ؛ فها هي ذي العمدة بين الأيدي ، وها هو ذا «الدرّ المصون» ينشره أحمد الخراط تباعا.
على أننا لا ندّعي الكمال في عملنا ، ولا يجرؤ أحد على ادّعائه. لكننا نؤكد إخلاصنا لتراثنا ، وصدقنا في عملنا ، وإيماننا بلغتنا ، وهذا حسبنا. ونحن على ثقة بأن كتاب العمدة سيفيد منه الباحثون واللغويون كثيرا ، ولن يبلغ مرحلة الاكتمال إلا بعد أن تصدر سائر كتبه