الذي يترتّب عليه غيره. ويترتّب على أوجه أحدها أن يكون تقدّمه بالزّمان نحو : أبو بكر أول ثم عمر. أو بالرياسة واقتداء غيره به ، نحو (١) : الملك أول ثمّ الوزير. أو بالوضع كقولك : دمشق أول ثم بغداد ، أو بنظام الصناعة نحو : الأساس أول ثم البناء. وقوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ)(٢) معناه الّذي لم يسبقه في الوجود شيء. (وقيل : هو الذي لا يحتاج إلى غيره. وقيل : المستغني بنفسه. وهذان يرجعان إلى قولنا : لم يسبقه شيء) (٣) ..
وقوله : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)(٤) ، (أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)(٥) أي المقتدى به في الإسلام والإيمان. (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ)(٦) أي ممّن يقتدى به في الكفر. ويكون أول ظرفا ، فإن نويت إضافته بني على الضمّ ، يقال : جئتك أول أي أول الأوقات. والإعراب : جئتك أولا وآخرا أي قديما وحديثا.
وقوله : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى)(٧) كلمة تهديد ودعاء عليه (٨) ، معناه : وليك شرّ بعد شر. وقد يخاطب بذلك من أشرف على الهلاك فيحثّ به على التحرّز منه. وقيل : يخاطب به من نجا من الشرّ ذليلا [فينهى](٩) أن يقع في ذلك الأمر ثانيا. وأكثر ما يجيء مكرّرا كقوله :
أولى لنفسي أولى لها
وكأنه حثّ على ما يؤول إليه ليتنبّه على التحرّز منه. وفي الكلمة أعاريب ذكرتها في غير هذا. وكذلك ذكرت اختلاف (١٠) الناس في أصل «أوّل» وتصريفه واشتقاقه. وتأنيثه
__________________
ـ ٤٥٦. قال ابن دريد : «قال قوم هو فوعل ليس أفعل ، كان الأصل ووّلّا فقلبت الواو الأولى همزة وأدغمت واو فوفل في عين الفعل فهي واو فقالوا أول» وانظر رأي الخليل في المفردات : ٣١.
(١) في الأصل : ثم ، ولعلها كما ذكرنا.
(٢) ٣ / الحديد : ٥٧.
(٣) ساقط من ح.
(٤) ١٤٣ / الأعراف : ٧.
(٥) ١٦٣ / الأنعام : ٦.
(٦) ٤١ / البقرة : ٢.
(٧) ٣٤ / القيامة : ٧٥.
(٨) يقول الراغب (ص ٣٢) : كلمة تهديد وتخويف.
(٩) فراغ في الأصل ، أضفناه من مفردات الراغب.
(١٠) وفي س : خلاف.