لتقصير في الأمر الذي حلف عليه. والإيلاء في الشّرع : الحلف المانع من جماع المرأة. قلت : ولا بدّ من قيد آخر ، وهو مدة أربعة أشهر فأكثر للنصّ.
قوله : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ)(١) قيل : هو افتعل من ألوت ، وقيل : من آليت : حلفت. وهذا قد نزل في شأن أبي بكر ، رضي الله تعالى عنه ، حين حلف ليقطعنّ نفقته عن مسطح (٢). وقد غلّط ابن عرفة أبا عبيد (٣) في قوله : (وَلا يَأْتَلِ) : لا يقصّر ، قال : لأنّ الآية نزلت في حلف أبي بكر ، فالمعنى : لا تحلفوا ، من الأليّة. قلت : وقد يترجّح ما قاله أبو عبيد من حيث الصناعة ، وذلك بأنّ يأتل : يفتعل ، وافتعل قليل (٤) من أفعل ، وإنّما يكثر من فعل ، نحو : كسب واكتسب ، وصنع واصطنع ، واحده من ألوت موافق للقياس ، وإنزالها في حلف أبي بكر لا ينافيه ، لأنّ المراد النّهي عن التقصير. وفي الحديث : «لا دريت ولا ائتليت» (٥) ، هو افتعلت من قولك : لا ألوته شيئا ، كأنه قيل : ولا أستطيعه (٦). وحقيقته الإيلاء. ويروى (٧) : ولا تليت. قال الهرويّ : هو غلط ، وصوابه : لا دريت ولا ائتليت ، يدعو عليها بالائتلاء أي لا يكون لها أولاد تتلوها.
وفي الحديث : «لا صام ولا ألّى» (٨) هو فعّل من ألوت أي ولا استطاع أن يصوم. وقيل : إخبار (٩) [أي](١٠) لم يصم ولم يقصّر. وفي الحديث : «من يتألّ على الله يكذّبه» (١١) أي من حلف أنّ الله يدخل فلانا الجنة أو النار وشبه ذلك يكذّبه.
__________________
(١) ٢٢ / النور : ٢٤.
(٢) كان مسطح بن أثاثة من الذين قالوا بالإفك وكان من قرابة أبي بكر وينفق عليه ، وحين قال به حلف أبو بكر أن لا ينفق عليه ، فأنزل الله تعالى الآية فعاد أبو بكر إلى الإنفاق.
(٣) في الأصل عبيدة ، وكذا التالية. والتصويب من اللسان مادة ـ ألا.
(٤) أي : قلّما.
(٥) في حديث منكر ونكير (النهاية : ١ / ٦٢) والمعنى : أي ولا استطعت أن تدري.
(٦) لعل الصواب أن يقول : ما استطعت.
(٧) يعني الحديث ، ذلك أن بعض المحدّثين يروونه «لا دريت ولا تليت» ويعدّونه خطأ.
(٨) تمام الحديث كما في النهاية : ١ / ٦٣ «من صام الدهر لا صام ولا ألّى».
(٩) أي يجوز أن يكون إخبارا.
(١٠) إضافة يقتضيها السياق.
(١١) في الأصل : من تألّ ، والتصويب من النهاية : ١ / ٦٣.