تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢) وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣))
[هود : ٩٢ ، ٩٣]
الرهط المعقولات لأن معنى الرهط اللغوي العشيرة أي ما يحيط بالإنسان من أهل وأقرباء ... والمعنى الرمزي ما يحيط الإنسان به نفسه من معقولات تكون على الحياة عونا. فما من حركة صغيرة ولا كبيرة إلا ويركب الإنسان فيها فلك المعقولات ليمخر عباب الوجود ، ومع هذا فإن الإنسان يؤمن بالمعقولات ويتخذها فلكا يمخر به عباب الحياة ، وينسى رب المعقولات أي رب الفلك المشحون
٩٤ ، ٩٧ ـ (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧))
[هود : ٩٤ ، ٩٧]
الصيحة صيحة الحق ، وهي هنا صوت جبريل العقل الفعال الذي ينادي القلب من الداخل. وأصل الصيحة حوار الفكر ، وهو حال يعيشه الإنسان ، فما من إنسان إلا ويناجي نفسه وتناجيه وهذا هو التفكير ، ويظل الإنسان جاهلا سر هذا الحوار ومصدره وكيفية حدوثه وسبب تناقضه حتى تعلو الصيحة.
فالصيحة إذن جوانية وتقع في الخلوة بعد حبس الحواس ، ويشدد الضمير على أداء الفرائض ثم النوافل حتى يصير العبد طيفا أو كالطيف وميتا أو كالميت ، وعندئذ تتردد صيحة الحق. وتأتي الصيحة من الجانب الآخر من وادي النفس ، أي من النقيض والتضاد ، فإذا القلب قد فوجئ وهو يكتشف أولا أن كل ما يقع في ذاته ليس هو ذاته بل هو العقل الفعال الموجود في الإنسان بلا اتصال ولا انفصال ولا حلول. وهذا الإنخلاع من الأنا ، والتحاق الأنا بالأنا الكلية يبقى الإنسان هيكلا ومستودعا للأنا الكلية ، وهذا ما وصفه هيغل قائلا العقل يجب أن يعي أنه روح وأنه ليس الأنا فقط بل هو نحن أيضا ، ونحن هي الكلية والأبدية وصاحبة الوجود الأصيل ... أما الآخرون فهم كما قالت الآية ، قد أصبحوا في ديارهم جاثمين ، أي لم يبق منهم سوى بقائهم في ديار أبدانهم جاثمين أي جالسين ساكنين لا حول لهم ولا قوة ، والحق يحركهم ، ويقيمهم ، ويقعدهم ، ويقلبهم يمينا وشمالا كما فعل بأصحاب الكهف.
٩٨ ، ٩٩ ـ (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩))
[هود : ٩٨ ، ٩٩]