عالمية ، لأنها راعت حقوق الناس جميعا.
٣٧ ـ (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (٣٧))
[النساء : ٣٧]
البخل إمساك اليد عن العطاء ، والإمساك إمساك الاسم نفسه الذي إن لم ينفلق بالجهاد ، كان كالشرنقة التي حبست الدودة فيها نفسها ، وبالجهاد وحده يتحقق القلب من كون الناس جميعا شركاء له في الخير والمال ، لأنهم تتمة الصورة الإنسانية الجامعة التي تعد صورته هو جزءا منها ، ولهذا كان المسلم أخا المسلم ، وكان الناس جميعا مسلمين كما قال سبحانه : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [المائدة : ١٩].
٣٨ ـ (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (٣٨))
[النساء : ٣٨]
الإنفاق رئاء الناس ، أي مراؤون لهم ، التصرف من كوة سجن الاسم نفسه دون محاولة الخلاص من هذا الأمر ، فالمرائي ينفق في سبيل تحقيق غاية شخصية ، والغاية الشخصية إن لم تجاهد في سبيل الله ظلت في نطاق الجزء الذي لا يحقق إلا الجزء نفسه ، والجزء حجاب ، ولهذا ختمت الآية بالحديث عن الكافرين ، أي المحجوبين ، وكيف أعد الله لهم عذابا مهينا أي حجابا كثيفا.
٣٩ ـ (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً (٣٩))
[النساء : ٣٩]
ماذا على الكافرين لو آمنوا بالله ، والروح؟ وأنفقوا مما رزقهم الله من كليات المعقولات التي يستوي في تقبلها والإيمان بها المؤمن والكافر ، إذ من الملاحظ أن هذه الكليات بدهيات مسلم بها ، لا يختلف فيها اثنان ، مثل العدل والحق.
٤٠ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (٤٠))
[النساء : ٤٠]
العدل الإلهي متحقق في توزيع الأسماء التي هي الدائرة الوجودية ، ومعنى لا يظلم أن الموصوف يكون من جنس الصفة ، والصفة أصل الموصوف ، وعلى مستوى الجمع يتحقق التوازن حتى في المتناقضات ، فيذوب الظلم في العدل ، والكفر في الإيمان ، وكل شيء خلقه الله بمقدار.