سبحانه ، تعالى(١) عن ذلك علوّاً كبيراً وبُعْدِ ذاك(٢) من قولِ الحكيم تدبيراً.
السابعة : إنّ الله تعالى عليم حكيم(٣) ، يعلم حقيقة الأشياء كلّها بحيث لا يعزب عنه مثقال ذرّة من الذرّات(٤) ؛ لأنّه في غاية الكمال(٥) في التجرّد والمحكمات والمتقنات من الأفعال والأقوال ، كخلق الإنسان المفطور على خمسة الآف أمر من الصنائع ، والعجائب ، وخلق السماوات والأرض وما فيهما من البدائع والغرائب ، ودقائق الكلام فيما تحقّق في الكتب السّماوية من أسرار الحكمة ، وآثار المعجزة على الوجه التّام وحقائق الأحكام ممّا نطق به لسان الأنبياء والأولياء بالوحي والإلهام.
ومعنى علمه تعالى بذاته : إنّه عين الذات ، وبغيره إنّه مطابق له ، كالمرآة ، وذاته تعالى علّة لجميع الممكنات(٦) ، فيعلم جميع المعلومات لأمر مصحّح ، وأيضاً لولاه لكان ترجيحاً بلا مرجّح ، وإذا ثبت له العلم والقدرة ثبت أنّه حيّ ؛ لأنّ اللاحيّ لا يصحّ منه العلم والقدرة.
تنبيه :
شبهة الفلاسفة في هذا المقام إنّه تعالى لا يعلم الجزئيّات الزّمانية ؛ لأنّ العلم حصول الصّورة المساوية ، فإذا تغيّر المعلوم بدون تغيّر(٧) العلم ،
__________________
(١) لم ترد في «ث».
(٢) في «م» : وَبُعَدَ ذاك ، والصحيح ما أثبتناه.
(٣) صفتان مقرونتان لله عزّ وجلّ ، وذكرت في القرآن أكثر من مائة وأربعين آية.
(٤) اقتباس من سورة يونس ١٠ / ٦١ ، وسورة سبأ ٣٤ / ٣. والذَّرُّ : صِغارُ النَّمل ، واحدته ذرَّةٌ ، وقيل : الذَّرَّةُ ليس لها وزن ، ويراد بها ما يُرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة. لسان العرب ٤ / ٣٠٤ ـ مادة «ذرر».
(٥) في «ث» : الكمل.
(٦) في «ث» : علمه لجميع ... ، وما أثبتناه من «م» و «ك».
(٧) في «ث» لم ترد.