لعاد ، وهي عادان : عاد الأولى وهي إرم ، وعاد الآخرة. ولم يصرف إرم ؛
لأنّها اسم للقبيلة ، وكان إرم أبا عادين فنسبوا إلى أبيهم . وقيل : إن إرم كانت قبيلة من عاد وكان فيهم الملك ، (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي
الْبِلادِ) (٨).
قوله تعالى : (ذاتِ الْعِمادِ) أي القامات الطّوال والقوى الشدائد ، يقال رجل معمد
ورجل عمدان إذا كان طويلا قويّا ، قال ابن عباس : «كانت قامة الرّجل منهم أربعمائة
ذراع ، لم يخلق مثلهم في زمانهم قوّة وخلقا» . ويقال : إنه اسم مدينة ذات العماد والذهب والفضّة ،
بناها شدّاد بن عاد. والقول الأول أقرب إلى ظاهر الآية ؛ لأنّ الغرض بهذه الآية
زجر الكفّار ، وكان الله بيّن بإهلاكهم مع قوّتهم أنه على إهلاك هؤلاء الكفار
أقدر.
وقصّة مدينة
إرم ذات العماد ما روى وهب بن منبه عن عبد الله بن قلابة : أنه خرج في طلب إبل له
شردت. فبينما هو في صحارى عدن ، إذ وقع على مدينة في تلك الفلوات ، عليها حصن وحول
الحصن قصور كثيرة وأعلام طوال.
فلما دنا منها
ظنّ أن فيها أحدا يسأله عن إبله ، فلم ير خارجا ولا داخلا ، فنزل عن دابّته وعقلها
، وسلّ سيفه ودخل من باب الحصن ، فلما خلف الحصن وراءه إذ هو ببابين عظيمين
وخشبهما من أطيب عود ، والبابان مرصّعان بالياقوت الأبيض والأحمر ، ففتح أحدهما
فإذا هو بمدينة فيها قصور ، كلّ قصر تحته أعمدة من زبرجد وياقوت ، وفوق كلّ قصر
منها غرف ، وفوق الغرف غرف مبنيّة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت ، ومصاريع تلك
الغرف من أطيب عود مرصّعة بالياقوت الأبيض والأحمر ، والغرف مفروشة كلّها باللؤلؤ
والمسك والزعفران.
__________________