عنه : تنفق مالك في سبيل الله ، فعن قريب تفتقر ، قال عثمان : إن لي ذنوبا ، فقال الوليد : ادفع إلي بعض المال حتى أرفع عنك ذنوبك فدفع إليه وأشهد عليه وأمسك من الخطأ فنزلت الآية (١).
(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى (٣٩))
قوله (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [٣٩] عطف على قوله أن لا (تَزِرُ) أي ليس للإنسان في الآخرة نافعا إلا ما نوى وأخلص في عمله ولا يشكل بأن المؤمن له أجر ما سعى وأجر ما سعي له ، وله فضل من الله سوى عدله (٢) ، لأن ذلك لنفع عمله له فكأنه سعى (٣) نفسه لكونه تابعا له ، وكذلك إلحاق الأبناء بالآباء لصلاحهم ، وقيل : الآية نازلة في شأن الكافر (٤) ، يعني ليس للكافر من الخير إلا ما عمل فيثاب به هنا ولا يبقى له أجر في الآخرة.
(وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (٤٠) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى (٤١))
قوله (وَأَنَّ سَعْيَهُ) عطف على أن لا (تَزِرُ) أي ومما كتب في صحف موسى وإبراهيم أن سعى الإنسان (سَوْفَ يُرى) [٤٠] أي ثواب عمله في الآخرة (ثُمَّ يُجْزاهُ) أي يجزي الإنسان المؤمن جزاء سعيه ، والهاء لل «سعي» بتقدير الجزاء ، قوله (الْجَزاءَ الْأَوْفى) [٤١] بدل من الهاء في (يُجْزاهُ) ، أي الجزاء الأكمل.
(وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (٤٢) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا (٤٤))
(وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) [٤٢] أي ومنه أن مرجع الخلائق كلهم بعد الموت إلى الله تعالى فيجازيهم بأعمالهم و (الْمُنْتَهى) بمعنى الانتهاء (وَأَنَّهُ) أي ومنه أن الله (هُوَ أَضْحَكَ) أي خلق فيهم قوة الضحك (وَأَبْكى) [٤٣] أي خلق فيهم قوة البكاء أو (أَضْحَكَ) في الجنة أهلها و (أَبْكى) في النار أهلها (وَ) منه (أَنَّهُ هُوَ أَماتَ) في الدنيا (وَأَحْيا) [٤٤] في الآخرة للبعث.
(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (٤٧))
(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ) أي الصنفين (الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) [٤٥] من كل الحيوان (مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى) [٤٦] أي تراق في الرحم (وَأَنَّ عَلَيْهِ) أي على الله (النَّشْأَةَ الْأُخْرى) [٤٧] بالمد والقصر (٥) ، أي الخلقة الثانية للبعث بعد الموتة الأولى.
(وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (٤٩))
(وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى) الناس بالأموال عن غيرهم (وَأَقْنى) [٤٨] أي أفقرهم إلى الخلق (٦) في المعيشة ، هما فعلان حذف مفعولهما (وَأَنَّهُ) أي أن الله (هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) [٤٩] أي خالقها وهي كوكب خلف الجوزاء عبدتها خزاعة.
(وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢))
(وَأَنَّهُ) أي أن الله (أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) [٥٠] بالإدغام وترك الهمزة ، وبالتنوين مع الهمزة (٧) وهي قوم هود بالعذاب (وَ) أهلك (ثَمُودَ) بالتنوين وعدمه (٨) ، أي قوم ثمود وهم عاد الأخرى (فَما أَبْقى) [٥١] منهم أحدا ،
__________________
(١) عن ابن عباس والسدي والكلبي والمسيب بن شريك ، انظر الواحدي ، ٣٢٩ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ٢٩٤.
(٢) عدله ، وي : عمله ، ح.
(٣) فكأنه سعى ، و : فكأن سعي ، ح فكأنه يسعى ، ي.
(٤) عن الربيع بن أنس ، انظر البغوي ، ٥ / ٢٥٥.
(٥) «النشأة» : قرأ المكي والبصري بفتح الشين وألف بعدها وبعد الألف همزة مفتوحة ، والباقون باسكان الشين. البدور الزاهرة ، ٣٠٨.
(٦) الخلق ، وي : الخلائق ، ح.
(٧) «عادا الأولى» : قرأ المدنيان والبصريان بنقل حركة همزة الأولى إلى اللام قبلها وحذف الهمزة مع إدغام تنوين «عادا» في لام «الأولى» ... وقرأ الباقون باظهار تنوين «عادا» وكسره وإسكان لام «الأولى» وتحقيق الهمزة بعدها مضمومة مع إسكان الواو ... البدور الزاهرة ، ٣٠٨.
(٨) «وثمودا» : قرأ عاصم ويعقوب وحمزة بترك التنوين ، وغيرهم باثباته. البدور الزاهرة ، ٣٠٨.