قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

عيون التفاسير للفضلاء السماسير [ ج ٤ ]

عيون التفاسير للفضلاء السماسير

عيون التفاسير للفضلاء السماسير [ ج ٤ ]

تحمیل

عيون التفاسير للفضلاء السماسير [ ج ٤ ]

150/351
*

يَنْظُرُونَ) [٤٤] إليها نهارا يعاينوها (فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ) أي ما قدروا على النهوض عن نزول العذاب حتى أهلكوا (وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ) [٤٥] أي ممتنعين ممن أهلكهم بدفع عذابه.

قوله (وَقَوْمَ نُوحٍ) بالجر عطف على (وَفِي ثَمُودَ) وبالنصب (١) بمضمر ، أي أهلكنا قوم نوح (مِنْ قَبْلُ) أي قبل إهلاك هؤلاء المذكورين (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) [٤٦] أي عاصين أمر ربهم.

(وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧))

ثم بين لأهل مكة قدرته الباهرة ليعتبروا فيؤمنوا بقوله (وَالسَّماءَ بَنَيْناها) أي خلقناها (بِأَيْدٍ) أي بقوة وقدرة (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [٤٧] أي قادرون على أن نوسع ما بين السماء والأرض أو نوسع الرزق بالمطر لمن بينهما.

(وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩))

(وَالْأَرْضَ فَرَشْناها) أي بسطناها مسيرة خمسمائة عام من تحت الكعبة (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) [٤٨] نحن (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ) من الحيوان (خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) ذكرا وأنثى أو من كل شيء صنفين كالسماء والأرض ، والسهل والجبل ، والصيف والشتاء ، والشمس والقمر ، والليل والنهار ، والدنيا والآخرة ، والأسود الأبيض ، فكل اثنين زوج والله فرد (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [٤٩] أي فعلنا ذلك كله لعلكم تتعظون فتعرفون الخالق فتوحدونه وتطيعونه.

(فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١))

(فَفِرُّوا) أي فقل يا محمد توبوا (إِلَى اللهِ) من الذنوب أو فروا من عذابه إلى رحمته (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ) أي من الله (نَذِيرٌ مُبِينٌ) [٥٠] أي مخوف بالنار المحرقة (وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) أي لا تشركوا به شيئا (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) [٥١] وكرره حرصا على هدايتهم.

(كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢))

قوله (كَذلِكَ) الآية تعزية للرسول (٢) صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أي مثل ما قال كفار قريش في شأنك من الأوصاف المذمومة والتكذيب (ما أَتَى) لم يجئ (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي قبل كفار مكة من الأمم الماضية (مِنْ رَسُولٍ) أي لم يأتهم رسول و (مِنْ) زائدة (إِلَّا قالُوا) لرسولهم هو (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) [٥٢].

(أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٥٣))

ثم قال بالاستفهام الإنكاري مبالغة في تكذيبهم رسولهم (أَتَواصَوْا) أي الأولون والآخرون (بِهِ) أي بالقول الذي قالوه من الوصف والتكذيب فجعلوا كلمتهم كلمة واحدة ، فقال تعالى لم يتواصوا به (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) [٥٣] أي لم يقع تكذيبهم توصية منهم لبعد الزمان بل جمعهم على ذلك العلة الواحدة وهي كونهم طاغين أي عاتين في معصية الله.

(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥))

(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) أي أعرض عن إنذارهم (فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) [٥٤] لأنك بلغت الرسالة فلا تلام على ذلك (وَذَكِّرْ) أي عظ بالقرآن (فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [٥٥] أي من علم تعالى أنه يؤمن أو تزيد التذكرة إيمان المؤمن.

(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (٥٦))

(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [٥٦] أي ليعرفون ، وهذا الكلام خاص بمؤمني (٣) الفريقين أو عام ، ومعنى «يعبدون» يوحدون ويطيعون ، أي لم أخلقهم إلا لأجل العبادة باختيارهم لينالوا الشرف والكرامة عندي ولم أقسرهم عليها ، إذ لو قسرتهم عليها لوجدت منهم وأنا غني عنهم وعن عبادتهم.

__________________

(١) «وقوم» : قرأ البصري والأخوان وخلف بخفض الميم ، والباقون بنصبها. البدور الزاهرة ، ٣٠٤.

(٢) للرسول ، وي : للنبي ، ح.

(٣) بمؤمني ، وي : بمؤمن ، ح.