إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

عيون التفاسير للفضلاء السماسير [ ج ١ ]

عيون التفاسير للفضلاء السماسير

عيون التفاسير للفضلاء السماسير [ ج ١ ]

تحمیل

عيون التفاسير للفضلاء السماسير [ ج ١ ]

269/303
*

فحملوه على عمودين فرجعوا إلى موسى وقومه فأخبر النقباء سوى الاثنين منهم بني إسرائيل أحوال الجبابرة وما هم عليه من القوة وعظم الأجساد فلما سمعوا ذلك جبنوا عن قتلهم ودخول أرضهم (١).

(قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (٢٢) قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣))

(قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها) أي في المدينة (قَوْماً جَبَّارِينَ) أي عاتين ، والعاتي هو الذي يجبر الناس على ما يريد ، قيل : «طول كل رجل منهم ثمانون ذراعا» (٢) ، يعني لا طاقة لنا بهم في القتال (وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها) أي من تلك المدينة ، واسمها إيليا من أرض الشام ، وقيل : أريحا (٣)(فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ [٢٢] قالَ رَجُلانِ) أي يوشع وكالوب (مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ) الله تعالى صفة ل (رَجُلانِ) ، وكذا (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) بالإسلام والتقوى أو كانا من الجبارين فآمنا بموسى واتبعاه وشجعا بني إسرائيل بقولهما (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) أي باب المدينة عليهم (فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) بكثرتكم لأن العمالقة أجسام لا قلوب لهم فلا تخافوهم وارجعوا إليهم ، قالا : ذلك من جهة غلبة الظن أو من جهة إخبار موسى بذلك (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [٢٣] أي مصدقين بوعد الله لموسى بأن يفتح عليه هذه البلدة ، وقال لهم موسى : ادخلوها ولا تخافوهم.

(قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤))

(قالُوا يا مُوسى) تأكيدا لنفي الدخول في المستقبل (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً) وأبدل منه قوله (ما دامُوا فِيها) كالبيان له ، يعني لا ندخلها وهم فيها متمكنون ، أنصدق الاثنين ونكذب (٤) العشرة (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) أي قاتل أنت وليقاتل معك ربك لينصرك عليهم (إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) [٢٤] فانا لا نستطيع قتال الجبابرة ، فغضب موسى من قولهم الصادر عن جهل وقساوة قلب وتمرد واستخفاف به وبربه.

(قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥))

(قالَ) متبرئا من فعلهم وداعيا عليهم (رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) لأن أخاه كان مطيعا له فهو يملك طاعته (فَافْرُقْ) فافصل (بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) [٢٥] أي العاصين ، يعني افصل بيننا وبينهم بأن تحكم لنا بما نستحق وعليهم بما يستحقون ، وهو في معنى الدعاء عليهم ولم يذكر الرجلين المؤمنين ، لأنه لم يكن معتمدا عليهما كالاعتماد على أخيه هارون ، وتكرير (بَيْنَ) هنا تأكيدا (٥) لأن الأصل عدم تكرره (٦).

(قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٦))

(قالَ) الله تعالى إذا لم يطيعوا أمرنا في الجهاد بالدخول (٧) في الأرض المقدسة (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) أي حرم

__________________

(١) نقله المؤلف عن السمرقندي ، ١ / ٤٢٧. «كان الأجدر بالمصنف أن لا تذكر هذه الأخبار الإسرائلية الكاذبة التي وضعها القصاص ونفقت عن من لا يميز بين الصحيح والسقيم ، فدونوها في كثير من التفاسير. وخير لنا أن نقتصر في وصفهم على ما ذكر الله تعالى في الآيات الكريمة دونما زيادة». انظر أبو الفرج جمال الدين عبد الرحمان بن علي بن محمد الجوزي ، زاد المسير في علم التفسير ، ٢ / ٣٢٥ (١. ملاحظة هامشية). قال فخر الدين الرازي في تفسيره بعد أن قص رواية مطولة التي تشبه هذه الرواية : «فهذه القصة ، والله أعلم بكيفية الأمور». ، انظر مفاتيح الغيب ، ١١ / ١٥٦. وقال ابن كثير في تفسيره بعد ذكره نحو هذه الرواية : «وفي هذا الإسناد نظر». انظر تفسير القرآن العظيم ، ٣ / ٧٠.

(٢) عن الكلبي ، انظر السمرقندي ، ١ / ٤٢٧.

(٣) أخذه المفسر عن السمرقندي ، ١ / ٤٢٧.

(٤) ونكذب ، ب س : ويكذب ، م.

(٥) تأكيدا ، ب س : تأكيد ، م.

(٦) تكرره ، ب س : تكريره ، م.

(٧) بالدخول ، ب م : ـ س.