٤ ـ (أَمْ حَسِبَ) : مترتّبة على ألف الاستفهام.
وفي الآية ما يدلّ على وجوب الرهبة والرغبة جميعا. وذكر الكلبيّ : أنّ الآية نزلت في عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة (١). وهي عامّة.
٥ ـ (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) : بشارة لأولياء الله خاصّة ولأهل السنّة والجماعة.
واتصالها (٢) من حيث اعتذار صبر المؤمنين على الفتنة ابتغاء وجه ربّهم.
٨ ـ مصعب بن سعد يحدّث عن أبيه سعد قال : أنزلت فيّ أربع آيات ، فذكر قصّته ، فقالت أمّ سعد : أليس قد أمر الله بالبرّ؟ والله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أموت أو تكفر ، قال : فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا (٣) فاها ، فنزلت : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً). (٤)
١٠ ـ عن عمرو بن دينار (٥) ، عن عكرمة : خرج من مكة ناس يريدون المدينة ، فأدركهم المشركون يفتنوهم ، فأعطوهم الفتنة ، فنزلت : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا). (٦)
وذكر الكلبيّ : أنّها نزلت في عيّاش بن أبي ربيعة المخزوميّ ، وهو ابن عمّ أبي جهل والحارث بن هشام وأخوهما (٢٥٦ ظ) لأمّهما ، وكان قد أسلم مع النبيّ عليهالسلام ، فخرج من مكة هاربا منهم إلى المدينة ، وذلك قبل قدوم النبي عليهالسلام المدينة ، وبلغ أمّهم الخبر ، فجزعت من ذلك جزعا شديدا ، فقالت لأبي جهل والحارث : لا والله لا يؤيني بيت ، ولا يدخل بطني طعام ولا شراب حتى تأتوني به ، فخرجوا في طلبه ، فظفروا به ، فلم يزالوا به حتى تابعهم ، فحملوا به إلى أمّه ، فعهدت إليه وقيدته ، وقالت : لا أحلّك من وثاقك حتى تكفر بمحمد عليهالسلام ، ثمّ أقبلت تجلده بالسياط وتعذّبه حتى كفر بمحمد عليهالسلام جزعا من ضرب أمّه ، فنزلت. (٧) وبقي محبوسا هو ورهط من المسلمين إلى أن هاجر رسول الله ، فلما بلغهم نزول هذه الآية أظهروا الإيمان ، وناصحوا الله ورسوله ، وكان رسول الله دعا لهم ليالي ، كلما قنت ، فقال : «اللهمّ نجّ المستضعفين بمكة ، اللهم اشدد وطأتك (٨) على مضر ، اللهمّ سنين
__________________
(١) ك : ربيعة.
(٢) أ : واتصا.
(٣) الشّجر : الفتح ، أي : فتحوا فمها بالشجر. غريب الحديث لابن قتيبة ٢ / ٤٤٦ ، والنهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٤٤٦.
(٤) أخرجه الدورقي في مسند سعد ٩٠ ، ومسلم في الصحيح (١٧٤٨) ، والترمذي في السنن (٣١٨٩) ، وابن حبان في الصحيح (٦٩٩٢).
(٥) أبو محمد عمرو بن دينار الأثرم الجمحي مولاهم المكي ، أحد الأعلام ، وشيخ الحرم في زمانه ، توفي سنة (٢٢٥ ه). ينظر : طبقات بن سعد ٥ / ٤٧٩ ، وتهذيب الكمال ٢٢ / ٥ ، والعقد الثمين ٦ / ٣٧٤.
(٦) ينظر : معاني القرآن الكريم ٥ / ٢١٣ ـ ٢١٤.
(٧) ينظر : زاد المسير ، واسباب النزول للواحدي.
(٨) ع : و ـ الك.