لفظا ، واصطلحوا عليه ، واستجازوه (١١ ظ) إمّا ضرورة كتسمية الرجل كلبا أو أسدا ، وإمّا اختيارا للتخفيف والعادة كقولهم : طلع الفجر ، وأظلم الليل ، ونبت الشجر (١). والإطناب (٢) كقولنا في المصائب : انكسر الصّلب ، وفي العشق : تقطّع القلب ، وفي السرور : قرّت العين. والتفاؤل (٣) كتسمية الغلام يمنا وسعدا. وهو من البلاغة في الرسائل والخطب والقصائد إذا عري عن التأكيد وعرف منه مراد المريد.
٤٦ ـ ثمّ نعت (الخاشعين) (٤) : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ) : يعلمون ويستيقنون (٥) ، كقوله : (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ) [الجنّ : ١٢] ، و (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) [الحاقّة : ٢٠].
(وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) : في الآخرة للمجازاة (٦) ، وقيل (٧) : إلى حكمه عائدون ، يعني : حال (٨) التعرّي عن المكاسب والدعاوى والمعذرة ، وحال التسليم والاستسلام.
والظنّ من الأضداد يطلق على معنى اليقين وحقيقة العلم ، ويطلق على معنى الحسبان (٩) وهو مجاوزة الشكّ قليلا والميل إلى أحد النقيضين (١٠).
٤٧ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا) : للإطناب والتأكيد (١١).
ومن البلاغة عند العرب العدول عن الإطناب إلى الإيجاز ، وعن الإيجاز إلى الإطناب ، وعن التجنيس إلى الإطباق ، وعن الإطباق إلى التجنيس ، وعن التصريح إلى التعريض ، وعن التعريض إلى التصريح ، وترك (١٢) لزوم الفنّ الواحد من هذه الفنون. والله تعالى أنزل القرآن على نظم هو غاية الفصاحة عندهم على ما تعارفوه واعتادوه ، بلسان عربيّ مبين.
ونظائر التّكرار قوله في الرحمن : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(١٣) [الرحمن : ١٣] ، وقوله
__________________
(١) ينظر في المجاز : دلائل الإعجاز ٦٦ و ٢٢٦ ، والمثل السائر ١ / ٧٤.
(٢) في ك : وللإطناب.
(٣) النسخ الثلاث : وللتفاؤل. وينظر : الإيضاح في علوم البلاغة ٥٦.
(٤) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٢٢١ ، ومجمع البيان ١ / ١٩٧ ، والتبيان في إعراب القرآن ١ / ٥٩.
(٥) ينظر : غريب القرآن وتفسيره ٦٨ ، وتفسير غريب القرآن ٤٧ ، والنكت والعيون ١ / ١٠٣.
(٦) ينظر : تفسير القرآن الكريم ١ / ٣٤٣ ، وتفسير البغوي ١ / ٦٩.
(٧) ينظر : التفسير الكبير ٣ / ٥١.
(٨) في ك : حين.
(٩) في ك : الحساب ، وفي ع : الحسان.
(١٠) ينظر : الأضداد للأصمعي ٣٤ ، ولأبي حاتم السجستاني ٧٦ ، ولابن السكيت ١٨٨.
(١١) ينظر : التبيان في تفسير القرآن ١ / ٢٠٩ ، والمحرر الوجيز ١ / ١٣٨ ، ومجمع البيان ١ / ١٩٩.
(١٢) في ك : ترك ، والواو ساقطة.
(١٣) كرّرت إحدى وثلاثين مرّة.