الفصل الرابع عشر
رسول الله .. ورسالته .. فى القرآن
جرت سنّة الله
تعالى فى خلقه ، أن يبعث رسله حين تشتد حاجة البشرية إليهم ، وحين يضلّ الناس عن
سبيل الله ، وعن صراطه المستقيم ، الذى يصلهم بربهم ، ويعرفهم ما ينجيهم فى دنياهم
وأخراهم .. فإنهم لا يهتدون إلى ما يفيدهم فيهما ، وهى مغيّبة عنهم إلا برسول ،
كما لا يهتدون فى الدنيا إلى ما ينجيهم من سمومها إلا بطبيب.
وجريا على هذه
السنة ، أرسل الحق سبحانه رسوله محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى العالم كله ، وإلى الناس كافة ، بعد أن فسدوا
وضلّوا ، واختلفوا وتقاطعوا وتخاصموا ، وبعد أن اشتدت الحاجة إلى رسالة تصلح
العقائد ، وتداوى النفوس ، وتؤلف بين القلوب ، وتربط الناس بعضهم ببعض ، وتوجههم
جميعا فى وحدة منسجمة متآلفة إلى بارئهم ، وخالقهم ، ليقوموا بواجب الشكر له على
ما أنعم به عليهم ، وأسداه إليهم ، وما أرسل به رسوله من عقائد صافية ، وعبادات
هادية ، ومعاملات حكيمة ، وأخلاق كريمة ، وتشاريع قويمة ، تقوم على أساس من الحق
والخير والفضيلة.
ومنذ بداية
البعثة المحمدية .. إلتزم القرآن العظيم بالتحدث عن شخصية هذا الرسول ، المبعوث
رحمة للعالمين ، والتعريف به ، وبمهمته ، وبرسالته ، حتى لقد كان الرسول جزءا لا
يتجزأ من الرسالة ، والرسالة صورة ناصعة لما أهّل الله به رسوله النبى الأمىّ ـ صلىاللهعليهوسلم.