* أما المشهد الثانى : فهو بعثهم أحياء ، وقد اختلف الناس فى أمر المدة التى استمروها فى الكهف ، وقد مرت الأجيال ، وهم يحسبون أنهم أيقاظ ، فقد استمروا كما ذكر القرآن (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً.)
ويجيىء بعد البعث الكلام فى المدة التى مكثوها ، والسبب فى اختيارهم مأواهم. فقصّ الله خبرهم بالحق تفصيلا ، بعد أن ذكره إجمالا ، لقد قاموا من نومهم ، وهم يرددون إيمانهم بالله تعالى ، واعتراضهم على أقوامهم ، ويحكون ما كان منهم مع أقوامهم : (هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ ،) وأن قومهم اعتزلوهم ، وهم لا يعبدون إلّا الله تعالى.
ونرى الصورة القصصية واضحة بيّنة ، هادية مرشدة ، تصور الملاحاة بينهم وبين أقوامهم ، حتى اعتزلوهم معتصمين بربهم مؤمنين به ، وهذا المشهد كل أجزائه واضحة ، حتى إنه يصور الكهف ومن فيه ، وخرجوا منه فى مشهد واضح بيّن ، هو كالعيان بتصوير القرآن الكريم.
* والمشهد الثالث : هو منظرهم داخل الكهف ، وهم رقود ، وحال الكهف وصورته ..
فهم فى فجوة منه ، يتجهون فيه إلى الشمال والشمس تخرج لهم من الشرق يمينا ، وتودع الكون فى غربهم ، فالشمس والهواء يحيطان بهم ، وذلك أصلح مكان ، إذ يستقبل الشمس فى غدوها طالعة وفى غروبها رائحة ، والهواء من البحر يجيىء إليهم فينعشهم نسيمه العليل.
فأسباب الحياة الطيبة قائمة ومهيأة لهم وهم رقود ، وإن كان الرائى يحسبهم أيقاظا. والوصف القصصى مصورا للمكان ، كأن القارىء للقرآن يراه ، وهو يتلو كتاب الله تعالى.