إلى وراء النّساء. ولهذا المعنى قال عمر رضي الله عنه : (لا يصلح لأمور المسلمين إلّا القويّ من غير عنف ، والرّقيق من غير ضعف) (١).
قال فلمّا ذكرت المرأة من حال موسى ازداد أبوها رغبة فيه و (قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ ؛) أي على أن ترعى غنمي ، ويكون فيها أجرا إلى ثمان سنين ، (فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ؛) فهو بفضل منك ليس بواجب عليك ، (وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ؛) في العشر ، ولا أكلفّك إلّا العمل المشروط ، والمراد بالحجج السّنين. قوله تعالى : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٢٧) ؛ ممن وافق فعله. وقيل : ستجدني إن شاء الله من الوافين بالعهد ، المحسنين الصّحبة.
ف (قالَ) موسى لشعيب : (ذلِكَ ؛) الشرط (بَيْنِي وَبَيْنَكَ ؛) يعني الذي وصفت وشرطت على ذلك ، وما شرطت لي من تزويج إحداهما عليّ فلي ، والأمر بيننا. وثم السّلام. ثم قال : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ ؛) أيّ الأجلين من الثّمان أو العشر ، (قَضَيْتُ ؛) أي أتممت وفرغت ، (فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ ؛) أي لا ظلم ولا حرج ولا كلفة. قال الفرّاء : (ما) صلة في قوله : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ)(٢).
وقوله تعالى : (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٢٨) ؛ أي شهيد على ما عقد بعضنا على بعض. قال ابن عبّاس : (والله شهيد بيني وبينك).
__________________
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف : أبواب القضاء : باب كيف ينبغي للقاضي أن يكون : الأثر (١٥٢٨٨). ولفظه : (لا ينبغي أن يلي هذا الأمر ـ يعني أمر الناس ـ إلّا رجل فيه أربع خصال : اللّين في غير ضعف ، والشّدّة في غير عنف ، والإمساك من غير بخل ، والسّماحة في غير سرف. فإن سقطت واحدة منهنّ فسدت الثّلاث).
(٢) معاني القرآن للفراء : ج ٢ ص ٣٠٥ ؛ قال : (فجعل (أَيَّمَا) وهي صلة من صلات الجزاء مع (ايّ) وهي في قراءة عبد الله (أيّ الأجلين ما قضيت فلا عدوان عليّ) وهذا أكثر في كلام العرب من الأول).