لا يعلم إلّا بوحي من الله تعالى أو بقراءة الكتب ، ثم بيّنه من بعد بقوله : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها)(١) الآية أي إنّي ما علمت ذلك إلّا بوحي من الله تعالى.
قوله تعالى : (إِنْ يُوحى إِلَيَّ ؛) معناه : ما يوحى إليّ هذا القرآن ، (إِلَّا أَنَّما ؛) لأنّي ؛ (أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٧٠) ؛ أي ما يوحى إليّ إلّا لأنّي نبيّ ونذير مبين ، أبيّن لكم ما تأتون من الفرائض والسّنن ، وما تتركون من الحرام والمعصية.
قوله تعالى : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٧٤) ؛ قد تقدّم تفسير هذا.
وقوله : (قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ؛) أي ما منعك عن السّجود لمن تولّيت خلقه من غير واسطة وسبب ، وقوله : (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) (٧٥) ، أي رفعت نفسك فوق قدرك ، (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) الذين علو في منزلة من السّجود لمثله.
قال ابليس : (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (٧٦) ؛ والنار شيء مضيء ، والطّين شيء مظلم.
وقوله تعالى : (قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) (٧٧) ؛ أي قيل : من السّماء ، وقيل : من الجنّة ، وقيل : من الأرض إلى جزائر البحار. والرّجيم : هو المرجوم بالخزي والفضيحة والشّهب إذا رجع إلى السّماء. (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٧٩).
قوله تعالى : (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (٨١) ؛ المؤجّلين إلى وقت النّفخة الأولى ، فلم يجبه إلى ما سأل ، ولم يعرّفه ذلك الوقت.
__________________
(١) البقرة / ٣٠.