أحدها : كلّ مصلّ ومسبح قد علم الله تعالى صلاته وتسبيحه ، والثاني : أن معناه : كلّ مصلّ ومسبح قد علم صلاة نفسه وتسبيح نفسه ، والثالث : قد علم كلّ منهم تسبيح الله وصلاته ، (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) (٤١) ؛ من الطاعة وغيرها. وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) أي له تقديرهما وتدبيرهما وتصريف أحوالهما ، (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (٤٢).
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ؛) أي ينشؤه ويسوقه سوقا دفيقا قطعا قطعا ، (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ؛) أي يجمع بين قطع السّحاب المتفرقة ، والسّحاب جمع واحده سحابة ، والتّأليف ضمّ بعض إلى بعض حتى يجعله قطعة واحدة.
قوله تعالى : (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً ؛) أي متراكما بعضه فوق بعض ، (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ ؛) أي ترى المطر يخرج من وسطه وأثنائه ، والخلال جمع الخلل مثل الجبال والجبل. قال الليث : (الودق المطر كلّه ، شديده وهيّنه ، وخلال السّحاب مخارج القطر منه). قرأ ابن عبّاس والضحاك : (من خلله) (١).
قوله تعالى : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ ؛) أي من جبل في السّماء ، وتلك الجبال من برد. قال ابن عبّاس : (أخبر الله أنّ في السّماء جبالا من برد) (٢) ومفعول الإنزال محذوف ، تقديره : وينزّل الله من جبال برد فيها ، واستغنى عن ذكر المفعول للدلالة عليه ، ومن الأولى لابتداء الغاية ، لأن ابتداء الإنزال من السّماء ، والثانية للتبعيض ؛ لأن ما ينزله الله بعض تلك الجبال التي في السّماء ، والثالثة لتبيين الجنس ؛ لأن جنس تلك الجبال البرد ، كما تقول : خاتم من حديد.
وكان عمر رضي الله عنه يقول : (جبال السّماء أكثر من جبال الأرض) ، (فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ ؛) أي فيصيب بالبرد من يشاء فيهلكه ويهلك زرعه ، (وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ ؛) فلا يضرّه في زرعه وثمره.
__________________
(١) ذكره ابن عطية في التفسير : ص ١٣٦٧.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٩١٣.