قوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) (٢) ؛ أي متواضعون خائفون ، ويقال : ساكنون بالقلب والجوارح فلا يلتفتون يمينا ولا شمالا ، كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أنّه رأى رجلا يعبث بلحيته في الصّلاة ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [ولو خشع قلبه لخشعت جوارحه](١) ، وعنه صلىاللهعليهوسلم : [أنّه كان إذا وقف في الصّلاة رفع بصره نحو السّماء ، فلمّا نزلت هذه الآية جعل نظره إلى موضع سجوده](٢). وحقيقة الخشوع : هو جمع الهمّة لتدبّر الأفعال والأذكار.
وعن الحسن أنه قال (٣) : (إنّ الخاشعين هم الّذين لا يرفعون أيديهم في الصّلاة إلّا في التّكبيرة الأولى) وقال ابن عبّاس : (معنى قوله تعالى : (خاشِعُونَ) أي أذلّاء) ، وقال مجاهد : (الخشوع هو غضّ البصر وخفض الجناح). وكان الرجل من العلماء إذا قام إلى الصلاة يخاف الرحمن أن يسند بصره إلى شيء ، وأن يحدّث نفسه بشيء من الدّنيا. وقال عمرو بن دينار : (ليس الخشوع الرّكوع والسّجود ، ولكنّه السّكون وحسن الهيئة في الصّلاة).
وقال عطاء : (هو أن لا تعبث بشيء من جسدك في الصّلاة) ، وعن أبي ذرّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إذا قام أحدكم إلى الصّلاة فإنّ الرّحمة تواجهه ، فلا يحرّكنّ الحصى](٤). وقيل : نظر الحسن إلى رجل يعبث ويقول : اللهم زوّجني من
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٦ ص ٨٥ ؛ قال السيوطي : (أخرجه الحكيم الترمذي عن أبي هريرة). وفي تخريج الإحياء : ج ١ ص ٣٣٩ ؛ قال العراقي : (رواه الحكيم الترمذي في النوادر من حديث أبي هريرة بسند ضعيف ، والمعروف أنه من قول سعيد بن المسيب. رواه ابن أبي شيبة في المصنف ، وفيه رجل لم يسم).
(٢) رواه الحاكم في المستدرك : ج ٣ : كتاب التفسير : الحديث (٣٥٣٥). وأخرجه الطبري في جامع البيان : ج ١٠ ص ٤ : النص (١٩٢٣١).
(٣) في الأصل المخطوط : (كان) ومقتضى السياق : (قال).
(٤) رواه الإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ١٥٠. والترمذي في السنن : كتاب الصلاة : باب ما جاء في كراهية مسح الحصى في الصلاة : الحديث (٣٧٩). والنسائي في السنن : كتاب صفة الصلاة : باب النهي عن مسح الحصى : الحديث (١١١٤). وأبو داود في السنن : كتاب الصلاة : باب في مسح الحصى في الصلاة : الحديث (٩٤٥).