وأكثر القرّاء (بِمَلْكِنا) بالكسر أي بأمرنا. ومن قرأ بفتح الميم فهو المصدر ، ومن قرأ بضمّ الميم فمعناه : بسلطاننا وقدرتنا ؛ أي لم نقدر على ردّهم (١).
قوله تعالى : (وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ ؛) أي أثقالا وحمالا من حليّ آل فرعون ، والوزر في اللغة : هو الحمل الثقيل ، وذلك أن موسى كان أمرهم أن يستعيروا من حليّهم حين أرادوا أن يسروا ، هكذا روي عن ابن عباس. وقيل : إنهم كانوا استعاروها ؛ ليتزيّنوا بها في عيد كان لهم ، ثم يردّوها عليهم عند الخروج ، وكان ذلك ذنبا منهم ، فعلى ذلك يكون معناه : حمّلنا آثاما من حليّ القوم (٢).
وقوله تعالى : (فَقَذَفْناها ؛) أي فقذفنا الحليّ في النار ليذاب ، (فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُ) (٨٧) ؛ ما معه من الحليّ كما ألقينا ، وذلك أنّ الله تعالى قد وقّت لموسى ثلاثين ليلة ثم أتمّها بعشر ، فلما مضت الثلاثون قال السامريّ : إنّما أصابكم هذا عقوبة لكم بالحليّ الذي معكم ، فاجمعوها حتى يجيء موسى فيقضي فيها ، فجمعت له ، فصنع منها العجل في ثلاثة أيّام ، ثم قذف فيه القبضة التي (٣) اتخذها من أثر فرس جبريل.
قوله تعالى : (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ ؛) أي أخرج لهم من النار صورة عجل صاغها من الحليّ ، قوله تعالى : (لَهُ خُوارٌ) أي صوت كصوت العجل.
واختلفوا في هذا الخوار ؛ قال مجاهد : (خواره حفيف الرّيح إذا دخلت جوفه ، وذلك أنّه كان جعل في جوف العجل خروقا إذا دخلتها الرّيح أوهم أنّه يخور). قال الحسن وقتادة والسديّ : (كان السّامريّ ألقى عليه شيئا من أثر فرس جبريل كما قال :
__________________
(١) ينظر : جامع البيان : ج ٩ ص ٢٤٥.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٨٣٠١).
(٣) في المخطوط : (الذي).