قوله تعالى : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) (٣٢) ، أي اجعله شريكا لي في تبليغ هذه الرسالة. ومن قرأ (أشدد) بفتح الألف و (أشركه) بضمّ الألف ردّ الفعل إلى موسى عليهالسلام.
قوله تعالى : (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) (٣٤) ؛ أي كي نصلّي لك ، وقيل : كي ننزّهك كثيرا ، ونذكرك بالحمد والثّناء كثيرا بما أوليتنا من نعمتك ، ومننت علينا من تحمّل رسالتك. قوله تعالى : (إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) (٣٥) ؛ أي عالما.
قوله تعالى : (قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) (٣٦) ؛ أي أوتيت ما سألت يا موسى ، وأوتيت مرادك. قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى) (٣٧) ؛ أي أنعمنا عليك كرّة أخرى قبل هذه المرّة.
ثم بيّن تلك النعمة ، فقال تعالى : (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ؛) أي ألهمناها حين عنت بأمرك ، وما كان فيه سبب نجاتك من القتل ، (ما يُوحى) (٣٨) ؛ أي ما يلهم ، ثم فسّر ذلك الإلهام فقال : (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ) وكان السبب في ذلك أن فرعون كان يقتل غلمان بني إسرائيل على ما تقدّم ذكره ، ثم خشي أن يفنى نسل بني إسرائيل ، فكان يقتل بعد ذلك في سنة ولا يقتل في سنة ، فولد موسى في السّنة التي يقتل فيها الغلمان ، فنجّاه الله من القتل بأن ألهم أمّه أن جعلته في التابوت ، وأطرح التابوت في اليمّ وهو البحر ، وأراد به النّيل ومعنى قوله تعالى : (أَنِ اقْذِفِيهِ) أي اجعليه.
قوله تعالى : (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ ؛) لفظه لفظ الأمر وهو خبر (بتقدير) حتى يلقيه اليمّ بالسّاحل. قوله تعالى : (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ؛) وأراد به فرعون.
قوله تعالى : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ؛) وذلك أن أمّ موسى لمّا اتخذت لموسى تابوتا جعلت فيه قطنا محلوجا ، ووضعت فيه موسى وألقته في النّيل ، وكان يشرع منه نهر كبير في دار فرعون ، فبينما هو جالس على رأس البركة مع امرأته آسية ، إذا بالتابوت يجيء بالماء.