(يُبَشِّرُكَ) قرأ حمزة والكسائي (يبشرك) بفتح الياء وجزم الباء وضمّ الشين ، وقرأ الباقون بضمّ الياء وفتح الباء وتشديد الشّين وكسرها.
قوله تعالى : (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً) ؛ انتصب على الحال في قوله : (بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) يعني عيسى عليهالسلام ؛ يعني أنّ يحيى مصدّقا بعيسى ، وكان يحيى أوّل من صدّق بعيسى وشهد أنّه كلمة الله وروحه ، وكان يحيى أكبر من عيسى بثلاث سنين ، وقيل : بستّة أشهر.
واختلفوا في تسمية يحيى بهذا الاسم ؛ فقال ابن عبّاس : (لأنّ الله تعالى حيى به عقر أمّه). وقال قتادة : (لأنّ الله أحيا قلبه بالإيمان) (١). وقيل : بالنبوّة.
وقيل : إنّ الله تعالى أحيى قلبه بالطاعة حتى لم يعص ولم يهمّ بمعصية. قال صلىاللهعليهوسلم : [ما من أحد يلقى الله عزوجل إلّا وقد همّ بخطيّة أو عملها إلّا يحيى بن زكريّا فإنّه لم يهمّ بها ولم يعملها](٢). وقال بعضهم : سمّي بذلك لأنه استشهد ، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون. قال صلىاللهعليهوسلم : [من هوان الدّنيا على الله عزوجل أنّ عيسى قتلته امرأة ، وقتل يحيى قبل رفع عيسى عليهالسلام].
قوله تعالى : (بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) إنّما سمي عيسى كلمة ؛ لأنّ الله تعالى قال له كن من غير أب فكان ، فوقع عليه اسم الكلمة. قوله تعالى : (وَسَيِّداً) السيّد في اللغة وفي الحقيقة : من تلزم طاعته ويجب على النّاس الاقتداء والقفا به في العلم والحلم والعبادة. وقال الضحّاك : (السّيّد : الحسن الخلق). وقال ابن جبير : (السّيّد : الّذي يطيع ربّه عزوجل). وقال ابن المسيّب : (السّيّد : الفقيه العالم) (٣). وقال سفيان : (هو
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٤٦٩).
(٢) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه ؛ أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٤٩٥) ؛ وأوله : [كلّ بني آدم ...] والنص (٥٤٧٩). وفي الدر المنثور : ج ٢ ص ١٩٠ ؛ قال السيوطي : «أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عمرو بن العاص». وأخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب التوبة : باب خير الخطائين التوابون : الحديث (٧٦٩٢) ؛ وقال : «حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٤٩١).