قتلت به فهرا وحمّلت عقله |
|
سراة بني النّجّار وأرباب فارع |
فأدركت ثأري واضطجعت موسّدا |
|
وكنت إلى الأوثان أوّل راجع |
فنزلت هذه الآية ، وقتل مقيس يوم فتح مكّة (١).
ومعناها : ومن يقتل مؤمنا متعمّدا في قتله مستحلّا له فجزاؤه جهنّم خالدا فيها باستحلاله له وارتداده عن إسلامه ، (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ) ؛ بقتله غير قاتل أخيه ، (وَلَعَنَهُ) ؛ أي باعده من رحمته ، (وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣)) ؛ بجرأته على الله بقتل نفس بغير حقّ.
واختلف الناس في حكم هذه الآية ، قالت الخوارج والمعتزلة : (إنّها في المؤمن إذا قتل مؤمنا ، وهذا الوعيد لاحق به). وقالت المرجئة : (إنّها نزلت في كافر قتل مؤمنا ، فأمّا المؤمن إذا قتل مؤمنا فإنّه لا يخلّد في النّار) (٢).
وقالت طائفة من أصحاب الحديث : كلّ مؤمن قتل مؤمنا فهو خالد في النّار غير مؤبّد يخرج بشفاعة الشّافعين ، وزعمت : أنّه لا توبة لمن قتل مؤمنا متعمّدا.
والصحيح : أنّ المؤمن إذا قتل مؤمنا متعمّدا لا يكفر بذلك ولا يخرج من الإيمان ؛ إلّا إذا فعل ذلك مستحلا له ، فإن أقيد بمن (٣) قتله فذلك كفارة له ، وإن كان تائبا من ذلك ولم يكن معادا كانت التوبة أيضا كفّارة له ، فإن مات بلا توبة ولا قود فأمره إلى الله ؛ إن شاء غفر له وإن شاء عذبه على فعله ثم يخرجه بعد ذلك إلى الجنّة
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٢ ص ٦٢٣ ؛ قال السيوطي : «أخرجه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ، وقال : وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مثله سواء». وفي تاريخ الطبري : ج ٢ ص ١١٠ ذكره ، وفي ص ١٦٠ ذكر الخبر عن فتح مكة حتى قال : «وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد عهد إلى أمرائه حين أمرهم أن يدخلوا مكة ، أن لا يقتلوا أحدا إلا من قاتلهم ؛ إلا أنه قد عقد في نفر سمّاهم ، أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة ، منهم .... وأما مقيس بن صبابة فقتله نميلة بن عبد الله ، رجل من قومه». وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ٥ ص ٣٣٣. وفي أسباب النزول للواحدي : ص ١١٤ ـ ١١٥.
(٢) في المخطوط : (لا يخلد في النهار) وهو تصحيف.
(٣) في المخطوط : (فإن أقيد ظنّ).