قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الكبير [ ج ٢ ]

189/479
*

[إنّ أحقّ الشّروط أن توفّوا ما استحللتم به الفروج](١).

قوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤)) ؛ أي إن أحللن لكم عن شيء من المهر ، وإن وهبن لكم منه شيئا. ونصب (نَفْساً) على التّمييز إذا قيل (طِبْنَ لَكُمْ) لم يعلم في أيّ صنف وقع الطيب ، فكأنه قال : إن طابت أنفسهن بهبة شيء من المهر فكلوا الموهوب لكم هنيئا لا إثم فيه ، مريئا لا ملامة فيه. قال الحضرميّ (٢) : (إنّ ناسا كانوا يتأثّمون أن يرجع أحدهم في شيء ممّا ساق إلى امرأته). قال الله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) من غير إكراه ولا خديعة (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) أي شافيا طيّبا.

وقيل معناه : فكلوه دواء شافيا ، وقيل : الهنيء : الطّيّب المساع الّذي لا يغصّه شيء ، والمريء : المحمود العاقبة الّذي لا يضرّ ولا يؤذي ، تقول : لا تخافون في الدنيا منه مطالبة ، ولا في الآخرة بتبعة ، يقال : هنأني لي الطعام ومرّأني ، فإذا أفرد يقال : أمرأني ولا يقال إهنأني ، وهنيئا مصدر.

وعن عليّ رضي الله عنه أنه قال : (إذا كان أحدكم مريضا فليسأل امرأته درهمين من مهرها تهب له بطيبة نفسها ؛ فليشتر بذلك عسلا ، ويشربه مع ماء المطر ، فقد اجتمع الهنيء والمريء والشّفاء والماء المبارك) (٣). لأنّ الله تعالى سمّى المهر هنيئا مريئا إذا وهبته المرأة لزوجها ؛ وسمّى العسل شفاء ؛ وسمّى المطر ماء مباركا ، فإذا اجتمعت هذه الأشياء يرجى له الشّفاء.

__________________

ـ امرأته ؛ قال الهيثمي : «رواه أحمد والطبراني وفي إسناد أحمد رجل لم يسمّ ، وبقية رجاله ثقات.

وفي إسناد الطبراني من لم أعرفهم» وإسناده حسن.

(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١٧ ص ٢٣٩ ـ ٢٤٠ : الحديث (٧٥٢ ـ ٧٥٧). وأخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الشروط : باب الشروط في المهر : الحديث (٢٧٢١) ، وكتاب النكاح : باب الشروط في النكاح : الحديث (٥١٥١). ومسلم في الصحيح : كتاب النكاح : باب الوفاء بالشروط : الحديث (٦٣ / ١٤١٨).

(٢) في جامع البيان : النص (٦٧٨٧) ؛ قال الطبري بإسناده أبي المعتمر : «قال : زعم الحضرمي ... وذكره».

(٣) الجامع لأحكام القرآن : ج ٥ ص ٢٧.