فأمّا بدر
الكبرى فكانت يوم الجمعة السابع عشر من رمضان سنة اثنتين من الهجرة على رأس تسعة
عشر شهرا من هجرة النبيّ صلىاللهعليهوسلم. وغزوة أحد في شوّال سنة ثلاث ، والخندق وبني قريظة في
شوّال سنة أربع ، وبني المصطلق وبني لحيان في شعبان سنة خمس ، وخيبر سنة ستّ ،
والفتح في رمضان سنة ثمان ، وحنين والطائف في شوّال سنة ثمان. فأوّل غزوة غزاها
بنفسه وقاتل فيها بدر الكبرى ، وآخرها تبوك ، وكانت سراياه ستّا وثلاثين سريّة.
ومعنى الآية : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ
وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) وأنتم قليل في العدد ، وذلك أنّ المسلمين كانوا
ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، كان المهاجرون منهم سبعة وسبعين ، ومن الأنصار مائتين
وستّة وثلاثين ، وكان عليّ رضي الله عنه صاحب راية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وسعد بن معاذ صاحب راية الأنصار ، وكان عدد الكفّار
تسعمائة ونيّفا. قوله عزوجل : (فَاتَّقُوا اللهَ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣)) ؛ أي أطيعوه فيما يأمركم لتقوموا بشكر النّعم التي
أنعمها الله عليكم.
قوله تعالى : (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ
يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ
مُنْزَلِينَ (١٢٤)) ؛ وذلك أنّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانوا يوم أحد بعد انصراف عبد الله بن أبي سلول بثلث
الناس : سبعمائة ؛ وكان المشركون ثلاثة آلاف ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ألن يكفيكم أن يمدّكم ربّكم بثلاثة آلاف من الملائكة
منزلين من السّماء]. قرأ الحسن ومجاهد وابن عامر (منزّلين) بالتشديد ، وقرأ
الباقون بالتخفيف.
قوله تعالى : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا
وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ
الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)) ؛ معنى قوله : (بَلى) تصديق لوعد الله تعالى ، وقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، (تَصْبِرُوا) لعدوّكم مع نبيّكم (وَتَتَّقُوا) مخالفته (وَيَأْتُوكُمْ) أهل مكّة من وجههم هذا ؛ (يُمْدِدْكُمْ
رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ
__________________