قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    عقود المرجان في تفسير القرآن [ ج ٥ ]

    عقود المرجان في تفسير القرآن

    عقود المرجان في تفسير القرآن [ ج ٥ ]

    تحمیل

    عقود المرجان في تفسير القرآن [ ج ٥ ]

    279/518
    *

    المعذّبين فلا يرقّوا لهم ولأنّهم أقوى الخلق بأسا فلا يطاقون. (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً) ؛ أي : ما جعلنا عددهم إلّا العدد الذي اقتضى فتنتهم وهو التسعة عشر. فعبّر بالأثر عن المؤثّر تنبيها على أنّه لا ينفكّ منه. وافتتانهم به لاستقلالهم له واستهزائهم واستبعادهم أن يتولّى هذا العدد القليل لتعذيب أكثر الثقلين. ولعلّ المراد الجعل بالقول ليحسن تعليله بقوله : (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ؛ أي : ليكتسبوا اليقين بنبوّة محمّد وصدق القرآن لمّا رأوا ذلك موافقا لما في كتبهم. (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا) بالإيمان به وبتصديق أهل الكتاب له. (١)

    فإن قلت : لم قال : (وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) والاستيقان وازدياد الإيمان دلّا (٢) على انتفاء الارتياب؟ قلت : لأنّه إذا جمع لهم إثبات اليقين ونفي الشكّ ، كان أبلغ وآكد لوصفهم بسكون النفس ، ولأنّ فيه تعريضا [بحال] من عداهم. كأنّه قال : وليخالف حالهم حال الشاكّين من أهل النفاق والكفر. فإن قلت : كيف ذكر الذين في قلوبهم مرض وهم المنافقون والسورة مكّيّة؟ وإنّما نجم النفاق بالمدينة. قلت : معناه : وليقول المنافقون الذين يظهرون في مستقبل الزمان بالمدينة بعد الهجرة والكافرون بمكّة. ويجوز أن يراد بالمرض الشكّ والارتياب. لأنّ أهل مكّة كان أكثرهم شاكّين. (مَثَلاً). تمييز لهذا أو حال منه. كقوله : (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً). (٣) فإن قلت : لم سمّوه مثلا؟ قلت : هو استعارة من المثل المضروب ، لأنّه ممّا غرب من الكلام وبعد ، استغرابا منهم لهذا العدد. والمعنى : أيّ شيء أراد الله بهذا العدد العجيب وأيّ غرض قصد في أن جعل الملائكة تسعة عشر لا عشرين سواء؟ ومرادهم إنكار أنّه من عند الله وإلّا لما جاء بهذا العدد الناقص. (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ). الكاف نصب. وذلك إشارة إلى ما قبله من معنى الإضلال والهدى. أي : مثل ذلك المذكور من الإضلال والهدى يضلّ الكافرين ويهدي المؤمنين. يعني يفعل فعلا حسنا مبنيّا على الحكمة فيراه المؤمنون حكمة فيذعنون له فيزيدهم إيمانا وينكره الكافرون و

    __________________

    (١) الكشّاف ٤ / ٦٥١ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٥٤٤.

    (٢) في النسخة : «دلالة». وفي المصدر : دالّا».

    (٣) الأعراف (٧) / ٧٣.