فطلبوا النجاة والسبق إليها ولا بصر لهم. فكيف يبصرونه وقد أعميناهم؟ وقيل : طلبوا الطريق إلى منازلهم فلم يهتدوا إليها. (١)
[٦٧] (وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (٦٧))
(مَكانَتِهِمْ). أبو بكر : مكاناتهم على الجمع. (عَلى مَكانَتِهِمْ) ؛ أي : على مكانهم الذي فيه قعودهم. أي : ولو نشاء لعذّبناهم بعذاب آخر وأقعدناهم في منازلهم ممسوخين قردة وخنازير. والمكانة والمكان واحد. وقيل : معناه : لمسخناهم حجارة في منازلهم ليس فيهم أرواحهم. (فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا) ؛ أي : لا يقدروا على ذهاب ولا مجيء لو فعلنا ذلك بهم. أو :
فما استطاعوا مضيّا من العذاب ولا رجوعا إلى الخلقة الأصليّة بعد المسخ. وهذا كأنّه تهديد هدّدهم الله به. (٢)
[٦٨] (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨))
(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ) ؛ أي : نطوّل عمره. (نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) ؛ أي : نصيّره بعد القوّة إلى الضعف وبعد زيادة الجسم إلى النقصان. فكأنّه نكّس خلقه. وقيل : نردّه إلى حالة الهرم التي تشبه حال الصبا في ضعف القوّة وعزوب العلم. (أَفَلا يَعْقِلُونَ) في أنّه تعالى يقدر على الإعادة كما قدر على ذلك؟ وعاصم وحمزة : (نُنَكِّسْهُ) بضمّ النون الأولى وفتح الثانية وكسر الكاف وتشديدها. والباقون بضمّ الكاف وتخفيفها. (٣)
(أَفَلا يَعْقِلُونَ). نافع وابن عامر ويعقوب بالتاء لجري الخطاب قبله. (٤)
[٦٩] (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩))
(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ). يعني قول الشاعر أو صناعة الشعر من عند نفسه. وقيل : معناه :
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦٧٤.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٧٣ ـ ٦٧٤.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٧٤ و ٦٧٣.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٨٦.