أمّه (نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) على إحسانهم. (١)
[١٥ ـ ١٦] (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦))
(الْمَدِينَةَ). يعني مصر. (حِينِ غَفْلَةٍ) : في وقت لا يعتاد دخولها. قيل : كان وقت القيلولة. وقيل : بين العشاءين إمّا خوفا من فرعون أو حياء من الناس لأنّ فرعون أخرجه منها. (يَقْتَتِلانِ) ؛ أي : يختصمان في أمر الدين أو الدنيا. (هذا مِنْ شِيعَتِهِ). أحدهما ممّن شايعه على دينه وهم بنو إسرائيل والآخر من مخالفيه وهم القبط. والإشارة على الحكاية. قيل : كان القبطيّ يسخر الإسرائيليّ ليحمل حطبا إلى مطبخ فرعون. وقيل : كان أحدهما مسلما والآخر كافرا. (فَوَكَزَهُ) ؛ أي : دفع في صدره بجمع كفّه. (فَقَضى عَلَيْهِ) ؛ أي : فقتله. (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) ؛ أي : بسببه حتّى هيّج غضبي فضربته ، فهو من إغرائه. وذكر المرتضى رحمهالله له وجهين. أحدهما : انّ المراد أنّ التزيين لقتله وتركي لما ندبت إليه من تأخيره حتّى يفوتني ما أستحقّه عليه من الثواب من عمل الشيطان. والآخر : يريد أنّ عمل المقتول من عمل الشيطان ، يبيّن بذلك أنّه مخالف لله مستحقّ للقتل. (٢)
في خبر عليّ بن الجهم قال : سأل المأمون الرضا عليهالسلام عن قول الله : (فَوَكَزَهُ مُوسى). قال الرضا عليهالسلام : إنّ موسى دخل مدينة من مدائن فرعون بين المغرب والعشاء (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ) إلى قوله : (فَقَضى عَلَيْهِ) ؛ أي : على العدوّ بحكم الله. [فوكزه] فمات. قال : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين ، لا ما فعله موسى من قتله. (إِنَّهُ) يعني الشيطان (عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ). قال المأمون : فما معنى قول موسى : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٨٨.
(٢) مجمع البيان ٧ / ٣٨١ ـ ٣٨٢ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ١٨٨.