عليكم ورحمة الله ، يقصد به الملكين اللّذين يقومان عليه.
[٦٢] (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ
آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ
يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ
شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ
اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢))
(إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ) ـ الآية. أراد الله أن يريهم عظم الجناية في ذهاب الذاهبين عن مجلس رسول
الله صلىاللهعليهوآله بغير إذنه إذا كانوا معه على أمر جامع ، فجعل ترك
ذهابهم حتّى يستأذنوه ثالث الإيمان بالله والإيمان برسوله. وهو تعريض بحال
المنافقين وتسلّلهم لواذا. والأمر الجامع : الذي يجمع له الناس. فوصف الأمر
بالجامع على سبيل المجاز. وذلك نحو مقاتلة عدوّ أو تشاور في خطب مهمّ أو تضامّ
لإرهاب مخالف. أو الأمر الذي يعمّ بضرره أو بنفعه. وفي قوله : (أَمْرٍ جامِعٍ) دلالة على أنّه خطب جليل لا بدّ لرسول الله صلىاللهعليهوآله فيه من ذوي رأي وقوّة يظاهرونه عليه بالرأي. فمفارقتهم
في تلك الحال ممّا يشقّ عليه ويشعب عليه رأيه. فمن ثمّ ضيّق عليهم الأمر. قيل :
إنّها نزلت في حفر الخندق. وكان ذلك من أهمّ الأيّام حتّى تولّى رسول الله صلىاللهعليهوآله بنفسه وشغل عن أربع صلوات. وكان قوم يتسلّلون من بينهم
بغير إذن.
(لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ) ؛ أي : ما يعرض لهم من المهامّ. وفيه أيضا مبالغه وتضييق
للأمر. (فَأْذَنْ لِمَنْ
شِئْتَ مِنْهُمْ). تفويض للأمر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله. (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ
اللهَ) بعد الإذن. فإنّ الاستئذان ولو لعذر قصور ؛ فإنّه تقديم
لأمر الدنيا على أمر الدين. (غَفُورٌ) لفرطات العباد. (رَحِيمٌ) بالتيسير عليهم.
__________________