توحيده وعدله. فإنّها ظاهرة كظهور النور. (كَمِشْكاةٍ) : كصفة مشكاة. وهي الكوّة الغير النافذة. (مِصْباحٌ) ؛ أي : سراج ضخم ثاقب. (فِي زُجاجَةٍ) ؛ أي : في قنديل من الزجاج. (كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) ؛ أي : تلك الزجاجة مثل الكوكب العظيم الذي يشبه الدرّ في صفائه. أو من الدرء بمعنى الدفع ؛ لأنّه يدفع الظلام بنوره. (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) ؛ أي : يشتعل ذلك السراج من دهن شجرة مباركة هي شجرة الزيتون. لأنّ فيها أنواع المنافع. وقيل : إنّها مع كونها أصفاء وأضواء بارك (١) فيها سبعون نبيّا منهم إبراهيم. (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) ؛ أي : لا يقع عليها ظلّ الشرق ولا الغرب ، بل يقع عليها الشمس طول النهار. فيكون على قلّة أو في صحراء واسعة ؛ فإنّ زيتها يكون أصفى. وقيل : إنّها من شجر الشام وهي وسط المعمورة وزيتونها أجود الزيتون. (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) بنفسه من غير نار لفرط ضيائه. (نُورٌ عَلى نُورٍ) ؛ أي : نور مضاعف. فإنّ نور المصباح زاد في إنارته صفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لأشعّته. وهو مثل لما نوّر الله به قلب المؤمن من المعارف والعلوم بنور مثل هذه المشكاة. وقيل : إنّه تشبيه للهدى من حيث إنّه محفوف بظلمات أوهام الناس وخيالاتهم بالمصباح. (لِنُورِهِ) ؛ أي : لهذا النور الثابت. (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) إدناء للمعقول من المحسوس توضيحا وبيانا. (٢)
(مَثَلُ نُورِهِ). [اختلف في هذا المشبّه والمشبّه به على أقوال. فقيل : إنّه] مثل ضربه الله لنبيّه صلىاللهعليهوآله. والمشكاة صدره. والزجاجة قلبه والمصباح فيه النبوّة. (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) : لا يهوديّة ولا نصرانيّة. (مِنْ شَجَرَةٍ). يعني شجرة النبوّة وهي إبراهيم. (يَكادُ) نور محمّد صلىاللهعليهوآله يتبيّن للناس ولو لم يتكلّم به. عن جماعة من المفسّرين. وقيل : المشكاة إبراهيم. والزجاجة إسماعيل. والمصباح محمّد صلىاللهعليهوآله من شجرة إبراهيم لا يهوديّة ولا نصرانيّة بل مصلّاه الكعبة. يكاد محاسن محمّد تظهر قبل أن يوحى إليه. (نُورٌ عَلى نُورٍ) ؛ أي : نبيّ من نسل
__________________
(١) كذا. وفي المجمع : وقيل : (إنه خص الزيتونة لأن دهنها أصفى وأضوأ. وقيل ... وقيل : لأنه بارك) بدل العبارة الأخيرة.
(٢) مجمع البيان ٧ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ١٢٤.