[٨٥] (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨٥))
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) ؛ أي : وأرسلنا إلى مدين. قيل : أنّه مدين بن إبراهيم الخليل فنسب القبيلة إليه. وشعيب عليهالسلام كان من ذرّيّة إبراهيم الخليل عليهالسلام. (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ). يريد المعجزة التي كانت له وليس في القرآن أنّها ما هي. وما روي من محاربة عصا موسى التنّين حين دفع إليه غنمه وولادة الغنم التي دفعها [إليه] الدرع خاصّة وكانت الموعودة له من أولادها ووقوع عصا آدم على يده في المرّات السبع فمتأخّر عن هذه المقاولة. ويحتمل أن يكون كرامة لموسى أو إرهاصا لنبوّته. (الْكَيْلَ) ؛ أي : آلة الكيل ؛ لقوله : (وَالْمِيزانَ). أو أطلق الكيل على المكيال كالعيش على المعاش. (وَالْمِيزانَ) ؛ أي : وزن الميزان. أو يكون الميزان مصدرا كالميعاد. (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) ؛ أي : لا تنقصوهم حقوقهم. وإنّما قال : (أَشْياءَهُمْ) للتعميم تنبيها على أنّهم كانوا يبخسون الجليل والحقير. وقيل : كانوا مكّاسين لا يدعون شيئا إلّا مكسوه. (وَلا تُفْسِدُوا) بالكفر والحيف. (بَعْدَ إِصْلاحِها) : بعد ما أصلح أمرها أو أهلها الأنبياء وأتباعهم بالشرائع وأصلحوا فيها ؛ كالإضافة في (مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ). (١)(ذلِكُمْ خَيْرٌ). الإشارة إلى العمل بما أمرهم به ونهاهم عنه. ومعنى الخيريّة إمّا لزيادة مطلقا أو في الإنسانيّة وحسن الأحدوثة وجمع المال. (٢)
(وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ). روي أنّهم كانوا إذا دخل الغريب بلدهم ، أخذوا دراهمه الجياد وقالوا : هي زيوف ، فقطّعوها قطاعا ، ثمّ أخذوها بنقصان ظاهر أو أعطوه بدلها زيوفا. (٣)
[٨٦] (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ
__________________
(١) سبأ (٣٤) / ٣٣.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٤٨ ـ ٣٤٩.
(٣) الكشّاف ٢ / ١٢٧.