أنّه لا ينبغي أن يأكلها الإنفاق. (قَوْلاً مَعْرُوفاً) ؛ أي : عدة جميلة تطيب بها نفوسهم ؛ مثل : إن صلحتم ورشدتم ، سلّمنا إليكم أموالكم. (١)
(قِياماً). نافع وابن عامر : «قيما» بغير ألف بمعنى قياما. (٢)
[٦] (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً)
(وَابْتَلُوا الْيَتامى) ـ الآية ـ أي : اختبروهم بتتبّع أحوالهم في التهدّي إلى ضبط المال والسلامة من صرفه في غير وجهه بأن يكل إليه ما ينصرف فيه بما يناسب حاله. ولا يكفي المرّة الواحدة ، بل لا بدّ من التكرار بحيث يحصل معها عليه الظنّ برشده. (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) ؛ أي : وصلوا حدّ البلوغ. وبلوغ النكاح كناية عنه. لأنّه يصلح للنكاح عنده. وله أسباب ؛ منها الإنبات والاحتلام. ولا خلاف عندنا في البلوغ بهما للذكر والأنثى. وأمّا السنّ ، فهو عندنا في الرجل خمسة عشر سنة وفي الأنثى تسع. وسوّى الشافعيّ بينهما في السنّ بأنّه بلوغ خمسة عشر. وبعض أصحابنا على ثبوت البلوغ بأربع عشرة سنة تعويلا على خبر ضعيف وقابل للتأويل. وفي الآية دلالة على أنّ الابتلاء قبل البلوغ لأنّه تعالى سمّاهم يتامى ، ولأنّه جعل نهاية اختبارهم البلوغ بلفظ (حَتَّى) فدلّ على أنّ الاختبار قبله ، ولأنّ تأخير الاختبار إلى ما بعد البلوغ يؤدّي إلى الحجر على البالغ الرشيد حتّى يختبر ، كما دلّ عليه قوله : (فَإِنْ آنَسْتُمْ) ؛ أي : أبصرتم (مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) من غير تأخير. وذهب بعضهم إلى أنّ الاختبار بعد البلوغ. وقد يستدلّ بالآية على أنّ تصرّفات الصبيّ العاقل المميّز بإذن الوليّ صحيحة ، لأنّ الابتلاء المأمور به قبل البلوغ وهو
__________________
(١) مسالك الأفهام ٣ / ١٤٢.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٠١ ، ومجمع البيان ٣ / ١٣.