وفي الحدائق الناضرة : «المقام الثالث : في دليل العقل ، وفسّره بعض بالبراءة والاستصحاب ، وآخرون قصروه على الثاني ، وثالث فسّره بلحن الخطاب وفحوى الخطاب ودليل الخطاب ، ورابع بعد البراءة الأصلية والاستصحاب بالتلازم بين الحكمين المندرج في مقدمة الواجب ، واستلزام الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاصّ ، والدلالة الالتزامية» (١).
والّذي يتصل من كلامه هذا بدليل العقل كأصل ، هو خصوص ما يتصل بالتلازم بين الحكمين وإن كان اتصاله من حيث تشخيص الصغريات له ، أما الباقي منها فحسابه حساب ما ذكره الغزالي وغيره.
ما يصلح منها لأن يكون أصلا :
وعلى أي حال فان الّذي يرتبط ببحوثنا هذه من المدركات العقلية ، هو الإدراك الّذي يتعلق بالحكم الشرعي مباشرة ، وقد عرفه في القوانين المحكمة بأنه «حكم عقلي يوصل به إلى الحكم الشرعي ، وينتقل من العلم بالحكم العقلي إلى العلم بالحكم الشرعي» (٢).
والّذي يؤخذ على هذا التعريف من وجهة شكلية تعبيره بالحكم العقلي مع أنه ليس للعقل أكثر من وظيفة الإدراك وهو مقصوده حتما ، وأظن ان التعبير بالحكم وانتشاره هو الّذي أوجب ان يلتبس على بعض الباحثين في ان القائلين باعتبار العقل من الأصول يرونه هو الحاكم في مقابل الله عزوجل.
العقل مدرك وليس بحاكم :
والتعبير بالحكم العقلي ـ في المجالات التشريعية ـ وان أوهم ذلك إلا اننا لا
__________________
(١) الحدائق الناضرة : ١ ـ ٤٠.
(٢) أصول الفقه للمظفر : ٣ ـ ١٠٨ نقلا عنه.