الآحاد ولا جدوى بعرضها ، ويمكن الرجوع إليها في كتابه المذكور (١).
وأهم ما أورد على هذه الروايات من اعتراضات ما ذكره الطوفي من «ان هذا الخبر وإن تعددت ألفاظه ورواياته لا نسلم أنه بلغ رتبة التواتر المعنوي ، لأنه إذا عرضنا هذا الخبر على أذهاننا ، وسخاء حاتم ، وشجاعة علي ، ونحوهما من المتواترات المعنوية ، وجدناها قاطعة بثبوت الرّأي الثاني غير قاطعة بالأول ، فهو إذن في القوة دون سخاء حاتم وشجاعة علي ، وهما متواتران ، وما دون المتواتر ليس بمتواتر ، فهذا الخبر ليس بمتواتر لكنه في غاية الاستفاضة ، فإن قيل تلقته الأمة بالقبول فدل على ثبوته ، فجوابه من وجوه:
أحدها : لا نسلم تلقيها له بالقبول إذ منكر والإجماع كالنظام والشيعة (٢) والخوارج والظاهرية ـ فيما عدا إجماع الصحابة ـ لو تلقوه بالقبول لما خالفوه.
الثاني : ان الاحتجاج بتلقي الأمة له بالقبول احتجاج بالإجماع ، وهو إثبات الشيء بنفسه» (٣) ، إلى آخر ما ناقش به.
ولكن الظاهر ان هذه المناقشات غير واردة ، لأن المراد بتلقي الأمة له بالقبول ليس كل الأمة بل أغلبيتها ، ولو سلّم فربما كان خلاف الخوارج والظاهرية من جهة الدلالة ، فلا يؤثر في صحة السند ، والاستدلال بالتلقي له بالقبول ليس استدلالا بالإجماع ليلزم إثبات الشيء بنفسه ، وإنما هو من عوامل احداث الاطمئنان بصحة صدوره ، وهو أشبه بما سبق ان ذكرناه من أن إعراض المشهور عن الرواية يوجب وهنا حتى إذا كانت صحيحة ، وأخذهم بالرواية الضعيفة
__________________
(١) كشف القناع عن وجوه حجية الإجماع : ص ٦ وما بعدها.
(٢) عد الطوفي الشيعة من جملة منكري الإجماع لا يعرف له وجه إذا أريد بهم الاثنا عشرية لأنهم من القائلين نوعا بحجيته ، ولعل سر الاشتباه في النسبة ما اطلع عليه من إنكارهم الإجماع في يوم السقيفة ، ولكن مناقشتهم له هنا من وجهة صغروية لعدم انعقاده بمخالفة جماعة كبيرة من كبار الصحابة أمثال بني هاشم ، وأبي ذر ، وعمار ، وغيرهم. (المؤلف).
(٣) رسالة الطوفي : ص ١٠٥.