رأي صاحبه ، ما دامت هناك مسارب لحمل الصحة وبخاصة في مسائل تتصل بصميم العقيدة.
يبقى سؤال : لما ذا دوّنوا هذه الأخبار في الكتب المعتمدة إذا لم تمثل آراؤهم؟ والجواب على ذلك : ان طبيعة الأعمال الموسوعية لا تتقيد بوجهات نظر أصحابها وبخاصة في عالم نقل الأحاديث.
ولقد كان من المألوف قديما أن مؤلفي كتب الحديث ما كان ليهمهم تمحيص الأحاديث بقدر ما يهمهم تدوينها ، وكأن مهمة التمحيص موكولة إلى المجتهدين في مجالات استنباط أحكامهم ، ومن هنا احتجنا إلى تسليط الأضواء على جميع كتب الحديث وإخضاعها لقواعد النقد والتمحيص التي عرضت في كتب الدراية ، وحسب هؤلاء المؤلفين أمثال : الكليني ، والشيخ الطوسي ، وأصحاب الصحاح والمسانيد ، ان لا يكونوا موضعا للطعن في أمانتهم في مجالات النقد والتجريح ، ولعل لهم من وجهات النّظر في نقل مختلف الأحاديث ما يحمدون عليه ، وإلاّ فإن الاقتصار على ما يراه صاحب الكتاب حقا من الأحاديث وإلغاء ما عداه ، معناه تعريض ثرواتنا إلى كثير من الضياع ، وإخضاع أكثرها إلى الزاوية التي ينظر منها المؤلف إلى الحديث ، وهي تتأثر عادة بعوامل بيئية وزمانية ، بالإضافة إلى ترسبات أصحابها وقيمهم وعواطفهم ، على أن في ذلك ما فيه من تحديد لطبيعة الاجتهاد وتضييق نطاقه وحصره في غير إطار صاحبه ، بل في أطر رواة الحديث بما لهم من ثقافات ضيقة لو بالغنا في توسعتها لما تجاوزنا بها طبيعة عصورهم وبيئاتهم ، مع ان الدين بطبعه يتسع لجميع العصور ، فما نراه اليوم حقا قد لا يرونه غدا كذلك ، وما كانوا يرونه حقا بالأمس قد لا نراه اليوم كذلك ، واختلاف المجتهدين من أدل البراهين على هذا الأمر.
وشبهة التحريف ـ بعد هذا ـ من الشبه التي لا تستحق أن يطال فيها الحديث