حدّثني بذلك يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، عن ابن زيد (١).
قلت : حديث غريب! كيف يستحوذ إبليس الطريد على أخلص عباد الله المكرمين؟!
[٢ / ٧٦٤٦] وهكذا أغرب فيما أخرجه عن ابن جريج ، قال : سألت عطاء بن أبي رباح ، عن قوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) قال : دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس؟! فقال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى ... فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ) ليريه (٢).
[٢ / ٧٦٤٧] وقال مقاتل بن سليمان : قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) وذلك أنّه رأى جيفة حمار على شاطئ البحر تتوزّعه دوابّ البرّ والبحر والطير ، فنظر إليها ساعة ، ثمّ قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) يا إبراهيم! يعني قال : أو لم تصدّق بأنّي أحيي الموتى يا إبراهيم؟ (قالَ بَلى) صدّقت (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ليسكن قلبي بأنّك أريتني الّذي أردت (قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ) قال : خذ ديكا وبطّة وغرابا وحمامة فاذبحهنّ ، يقول : قطّعهنّ ثمّ خالف بين مفاصلهنّ وأجنحتهنّ (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) بلغة النبط ، صرهنّ : قطّعهنّ ، واخلط ريشهنّ ودماءهنّ ثمّ خالف بين الأعضاء والأجنحة ، واجعل مقدّم الطير مؤخّر طير آخر ، ثمّ فرّقهنّ على أربعة أجبال (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً) فيها تقدير : فدعاهنّ ، فتواصلت الأعضاء والأجنحة ، فأجابته جميعا ليس معهنّ رؤوسهنّ ثمّ وضع رؤوسهنّ على أجسادهنّ ففقفقت (٣) البطّة ، وصوّت الديك ، ونعق الغراب ، وقرقرت الحمامة (٤) يقول : خذهنّ فصرهنّ وادعهنّ يسعين على أرجلهنّ عند غروب الشمس! (وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). فقال عند ذلك : أعلم أنّ الله عزيز في ملكه ، حكيم ، يعني حكم البعث ، يقول كما بعث هذه الأطيار الأربعة من هذه الجبال الأربعة فكذلك يبعث الله الناس من أرباع الأرض كلّها ونواحيها. وكان هذا بالشام وكان أمر الطير قبل أن
__________________
(١) المصدر : ٨١ / ٤٧٠٧.
(٢) الطبري ٣ : ٧٠ / ٤٦٧٠ ؛ القرطبي ٣ : ٢٩٨ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٥٠٨ / ٢٦٩٠.
(٣) الفقفقة : نباح الكلب عند الفرق. وفي التهذيب : حكاية عواءات الكلاب. فقد شبّهت بطبطة البطّة بنباح الكلب ، كأنّها تحاكي عواءات الكلاب.
(٤) أي هديرها.