قال : وبهذا
البيان ظهر أنّ المراد بالظالمين [المحجوزين عن نيل الإمامة] مطلق من ارتكب ظلما ،
شركا فما دونه من سائر المعاصي التي توجب فسقا وخروجا عن طاعة الله.
قال : وهذا لا
يفترق بين أن يكون ظالما لنفسه في الحال أو في سالف عمره قضاه في الشرك والفساد.
ذلك لأنّ فسقه وتمرّده العارم في الحال أو في سالف عمره ، يكشف عن وهن في سريرته ،
يسترسل مع مبتذلات الحياة حيثما أخذت به الأهواء. وهذا الضعف النفسي المشهود منه ـ
في أيّ وقت من الأوقات ـ هو الذي أسقطه عن درجة الاعتبار ، بحيث لا يمكن الاعتماد
عليه في تنصيبه لمثل هذا المنصب الخطير ، ألا وهي قيادة الأمّة في مهامّ أمور تعود
إلى شؤون حياتهم في المعاش والمعاد.
قال : وقد سئل
بعض أساتيدنا رحمهالله عن تقريب دلالة الآية على ضرورة عصمة الإمام أي العدالة
الشاملة ، فأجاب : بحسب الفرض العقلي على أربعة أصناف : صنف يكون ظالما طول حياته.
وصنف يكون عادلا طول بقائه. وصنف يظلم ثمّ يؤوب. والصنف الرابع هو الذي يعود ظالما
بقيّة حياته حتّى الموت.
قال : وحاش
إبراهيم أن يسأل ربّه الإمامة للصنف الأوّل والأخير .. فبقي القسمان الثاني
والثالث. صنف أصحاب العدل الشامل. وصنف التائب بعد الذنب المستديم.
فإذ وقع السؤال
لكلا الصنفين ، فالاستثناء في الجواب إذن أخرج الصنف الثالث ، ليبقى الصنف الثاني
صاحب العدل الشامل (العصمة) هو الصالح لنيل هذا المقام.
* * *
وهكذا قال
الإمام الرازي بدلالة الآية على عصمة إبراهيم الخليل عصمة شاملة ؛ قال : لأنّ
الإمام هو الذي يؤتمّ به ويقتدى ، فلو صدرت منه معصية لجاز الاقتداء به فيها ـ
لإطلاق النصّ وعمومه ـ فيلزم منه جواز المعصية ، وهو محال ، لأنّ كونها معصية
عبارة عن كونها ممنوعة. وكونه جائزا عبارة عن كونه غير ممنوع .. والجمع بينهما
مستحيل.
__________________