فقال لهم هارون ـ كما حكى الله ـ : (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي. قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى)(١). فهمّوا بهارون حتّى هرب من بينهم وبقوا في ذلك حتّى تمّ ميقات موسى أربعين ليلة. فلمّا كان يوم عشرة من ذي الحجّة أنزل الله عليه الألواح فيها التوراة (٢) وما يحتاجون إليه من أحكام السير والقصص (٣). ثمّ أوحى الله إلى موسى : (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ)(٤). وعبدوا العجل وله خوار! فقال موسى : يا ربّ ، العجل من السامريّ ، فالخوار ممّن؟ فقال : منّي يا موسى ، إنّي لمّا رأيتهم قد ولّوا عنّي إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة (٥)! (٦)
هذا حديث غريب. ذكره القمّي في تفسير سورة طه.
وله حديث أغرب ذكره هنا :
[٢ / ١٨٣٠] قال : وأمّا قوله (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) الآية ، فإنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أوحى إلى موسى عليهالسلام إنّي أنزل عليكم التوراة وفيها الأحكام التي يحتاج إليها ، إلى أربعين يوما ، وهو ذو القعدة وعشرة من ذي الحجّة ، فقال موسى عليهالسلام لأصحابه : إنّ الله قد وعدني أن ينزل عليّ التوراة والألواح إلى ثلاثين يوما. وقد أمره الله أن لا يقول لهم إلى أربعين يوما فتضيق صدورهم (٧).
حديث غريب كيف يواري نبيّ الله بالخبر عن الله ، وإذ ليس فيه حكمة بل فيه إغراء بالجهل والمزيد من الغواية!
[٢ / ١٨٣١] وفي التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : أنّ موسى بن عمران كان يقول لبني
__________________
(١) طه ٢٠ : ٩٠ ـ ٩١.
(٢) من الثابت : أنّ الألواح لم تنزل من السماء ، وإنّما كان موسى قد أخذ معه الألواح ليكتب فيها ما يوحى إليه ربّه من أحكام الشريعة.
(٣) ليست السير والقصص الواردة في العهد القديم من وحي السماء ، إنّما هي ثبت تواريخ سجّلتها يراعة الكتّاب طول عهد حياة إسرائيل.
(٤) طه ٢٠ : ٨٥.
(٥) حاشا الربّ تعالى أن يغشّ عباده بفعل ما يوجب إضلالهم والمزيد من غوايتهم. وهذا غير الإضلال بمعنى الخذلان الذي هو تركهم وما يعمهون. نعم ، هي فرية أشبه بخرافات القصّاصين كما مرّ عليك في حديث مقاتل.
(٦) القمّي ٢ : ٦٢ في تفسير سورة طه.
(٧) المصدر ١ : ٤٧.