مات مؤمنا محتفظا على إيمانه ـ ولو من غير عمل ـ فإنّ الإيمان بذاته عمل ـ جانحي ـ فخيم يثاب عليه لا محالة ، فلا بدّ أن تتأخّر المثوبة عن العقوبات على ما ارتكبه من آثام إذ لا التذاذ بالمثوبات لمن كان ينتظر العقاب الدائم وقد تقدّم بعض الإشارة إلى ذلك.
قال العلّامة المجلسي ـ تعقيبا على حديث أبي هاشم الآنف ـ : كأنّ الاستشهاد بالآية (١) مبنيّ على ما حقّقنا سابقا (٢) أنّ المدار في الأعمال على النيّة (٣) التابعة للحالة التي اتّصفت بها النفس من عقائد وأخلاق حسنة أو سيّئة ، فإذا كانت النفس [مروّضة] على العقائد [الصحيحة] الثابتة والأخلاق الحسنة الراسخة ، التي لا يتخلّف عنها الأعمال الصالحة الكاملة ، لو بقي في الدنيا أبدا ، فبتلك الشاكلة والحالة استحقّ الخلود في الجنّة. وإذا كانت على العقائد الباطلة والأخلاق الرديئة ، التي علم الله تعالى أنّه لو بقي في الدنيا أبدا لعصى الله دائما ، فبتلك الشاكلة استحقّ الخلود في النار لا بالأعمال التي لم يرتكبها فلا يرد أنّه ينافي الأخبار الواردة في عدم المؤاخذة على نيّة السوء من غير عمل (٤).
__________________
(١) (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) الإسراء ١٧ : ٨٤.
(٢) سبق قوله : إنّ النيّة تابعة للشاكلة والحالة وأنّ كمالها لا يحصل إلّا بكمال النفس واتّصافها بالأخلاق الرضيّة الواقعيّة. البحار ٦٧ : ٢٠٠.
(٣) قال الإمام عليّ بن الحسين السجّاد عليهالسلام : «لا عمل إلّا بنيّة». الكافي ٢ : ٨٤ / ١ وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما الأعمال بالنيّات وإنّما لكلّ امرء ما نوى». البخاري ١ : ٢.
(٤) راجع : البحار ٦٧ : ٢٠١. ومرآة العقول ٨ : ١٠٤.