الْأَرْضِ)(١). (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ)(٢).
ومن ثمّ كان الاستشفاع بمقام الرسالة مستندا إلى برهان ، كما جاء في قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً)(٣). إلى غيرها من آيات وروايات تواترت بشأن الصالحين من عباد الله المكرمين.
وأمّا المستشفع فيجب أن يتوفّر فيه شرائط التائب النصوح ، إذ سبيل الاستشفاع سبيل التوبة والإنابة ، منضمّا إليه ابتغاء الوسيلة الناجعة. فاعتبار الشرائط فيه آكد. ومن ثمّ يجب أن يكون متندّما على ما فرط منه في جنب الله. وقد تدارك ما فرّط فيه أو أفرط ، وأصلح ما أفسد ، ليكون قد مهّد سبيل الإنابة والاستغفار.
وأمّا محلّ الشفاعة ، فهو كلّ عمل خير أريد به وجه الله. فلا شفاعة في باطل. قال تعالى : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها)(٤).
وعلى هذا التفصيل جاءت الآيات الكريمة وتواترت الروايات عن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وعترته الطيّبين.
***
قال العلّامة ـ قدّس الله روحه ـ في شرحه على التجريد : اتّفقت العلماء على ثبوت الشفاعة للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. وعليه قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً)(٥) قيل : إنّه الشفاعة ، واختلفوا فقالت الوعيديّة : إنّها عبارة عن طلب زيادة المنافع للمؤمنين المستحقّين للثواب ، وذهبت التفضّليّة إلى أنّ الشفاعة للفسّاق من هذه الأمّة في إسقاط عقابهم ، وهو الحقّ.
وأبطل المصنّف الأوّل بأنّ الشّفاعة لو كانت في زيادة المنافع لا غير لكنّا شافعين في النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث نطلب له من الله تعالى علوّ الدرجات ، والتالي باطل قطعا لأنّ الشافع أعلى من المشفوع فيه ، فالمقدّم مثله.
__________________
(١) يونس ١٠ : ١٨.
(٢) النجم ٥٣ : ٢٣.
(٣) النساء ٤ : ٦٤.
(٤) النساء ٤ : ٨٥.
(٥) الإسراء ١٧ : ٧٩.