الثالث : كلّ ما يتوقّف كون القرآن حجّة عليه لا يصحّ الاستدلال به عليه ، كمعرفة الصانع وصفاته.
فهذه الآية مخصوصة.
والجواب عن الأوّل من وجهين :
الأوّل : أنّا قد ذكرنا في تقرير هذا الدليل أنّ هداية المتّقين [غير هداية غيرهم ، فهو هدى للناس بمعنى ، وهدى للمتّقين] (١) بمعنى ، والمغايرة بينهما مغايرة الكلّ للجزء ، أو العامّ للخاصّ. ويجوز أن يكون التصديق بالنسبة إلى شخص يقينا و [إلى] (٢) الآخر ظنّيا ، فإنّ مساواة زوايا المثلث الثلاث [لقائمتين] (٣) عند العالم اوقليدس (٤) يقينية ، وعند غيره غير [يقينية] (٥).
الثاني : أن نقول : كما أنّ القرآن هدى للمتّقين ودلالة لهم على وجود الصانع وعلى دينه وصدق رسوله ، فهو أيضا دلالة للكافرين ، إلّا أنّه تعالى ذكر المؤمنين مدحا ليبيّن أنّهم الذين اهتدوا وانتفعوا به ؛ لقوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) (٦) ، وقال تعالى : (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) (٧). وقد كان عليهالسلام منذرا للكلّ لأجل أنّ هؤلاء هم الذين انتفعوا بإنذاره.
__________________
(١) من «ب».
(٢) من «ب».
(٣) في «أ» : (كقائمتين) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) اوقليدس : من علماء القرن الثالث قبل الميلاد ، رياضي يوناني ، وضع مبادئ الهندسة المسطّحة. وهو أوّل من تكلّم في الرياضيات وأفرده علما من العلوم. له كتاب معروف باسمه. انظر : الملل والنحل ٢ : ١١٤ ـ ١١٥. المنجد في الأعلام : ٥٧
(٥) في «أ» و «ب» : (يقيني) ، وما أثبتناه للسياق.
(٦) النازعات : ٤٥.
(٧) يس : ١١.