فإن قلتم : نعم ، لزمت الحاجة إلى إمام آخر ، ويتسلسل ؛ لأنّ الكلام فيه [كالكلام في] (١) الإمام الأوّل ، و [مع] (٢) التسلسل فلا يؤثّر الأئمّة التي لا تتناهى ، كما [لا] (٣) يؤثّر الواحد ، فلا بدّ من القول بأنّه يمكنهم معرفة الحجّة والقيام [بتصديقه] (٤) من غير حجّة.
فنقول : فجوّزوا مثل ذلك في سائر ما كلّفوا به وإن كان [النقص] (٥) قائما (٦).
أجاب السيّد المرتضى قدسسره (٧) بوجهين :
الأوّل : أنّ هذا الاعتراض مبني على مقدّمتين :
إحداهما : أنّ علّة الحاجة إلى الإمام هي أن يعلم منه ما لا يعلم عند عدمه لا غير.
وثانيتهما : أنّ ما كان لطفا في بعض التكاليف يجب أن يكون لطفا في جميعها.
وهاتان المقدّمتان باطلتان ، فالاعتراض باطل.
أمّا بطلان المقدّمة الأولى فنقول : إنّا لم نثبت الحاجة إلى الإمام لأجل تعليمنا ما نجهله بفقده ، بل قلنا بالاحتياج إليه في أشياء منها العلم ، ومنها كونه لطفا في مجانبة
__________________
(١) من «ب» والمصدر.
(٢) في «أ» و «ب» : (منع) ، وما أثبتناه للسياق.
(٣) من «ب» والمصدر.
(٤) في «أ» و «ب» : (بتصرّفه) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٥) في «أ» و «ب» : (النقض) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٦) المغني في أبواب التوحيد والعدل (الإمامة ١) : ٥٧ بالمعنى.
(٧) هو عليّ بن الحسين بن موسى بن محمّد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم عليهالسلام ، لقّب بالمرتضى وذي المجدين وعلم الهدى ، كان نقيب الطالبيين ، وإماما في علم الكلام والأدب والشعر ، وكان قوي الحافظة وكثير الرواية. وفضائله كثيرة ، سارت أخباره وعرفت أشعاره. أخذ عنه أعاظم العلماء ، وجالسه أكابر الأمراء والوزراء. ولد في بغداد سنة ٣٥٥ ه وتوفّي بها سنة ٤٣٦ ه. له تصانيف كثيرة. انظر : تاريخ بغداد ١١ : ٤٠٢ ـ ٤٠٣. ميزان الاعتدال ٣ : ١٢٤. أعيان الشيعة ٨ : ٢١٣ ـ ٢١٩. الأعلام ٤ : ٢٧٨. مقدّمة ديوانه (تحقيق رشيد الصفّار).