جميع الأحوال وعلى جميع التقادير على أكمل ما يمكن أن يكون وذلك هو العصمة.
التسعون : قد بيّنّا (١) أنّ العدالة فضيلة (٢) ينصف بها الإنسان من نفسه ومن غيره ، من غير أن يعطي نفسه من النافع أكثر وغيره أقلّ ، وفي الضارّ بالعكس ألّا يعطي نفسه أقلّ وغيره أكثر ، لكن يستعمل المساواة التي هي تناسب بين الأشياء ، ومن هذا المعنى يشتق اسمه ، أعني العدل.
وأمّا الجائر بخلاف ذلك ، فإنّه يطلب لنفسه الزيادة من النافع ولغيره النقصان منه ، وفي الأشياء الضارّة يطلب النقصان لنفسه ولغيره الزيادة.
فيجب أن يتّصف حاكم الكلّ بهذه الصفة على أكمل الأنواع ، وذلك هو العصمة.
الحادي والتسعون : من أنواع العدالة العبادة ، فهي تعظيم الله تعالى وتمجيده وطاعته ، والإكرام لأوليائه من الملائكة والأنبياء والرسل ، والعمل بما توجبه الشريعة. والإمام لإتمام ذلك [و] (٣) الحمل عليه ، فلا بدّ وأن يكون ذلك فيه في كلّ زمان على [أكمل] (٤) الأنواع والوجوه ، وهو العصمة.
الثاني والتسعون : اعلم أنّ العدالة واسطة بين رذيلتين :
الأولى : الظلم : وهو التوصّل إلى أكثر المقتنيات [من حيث لا ينبغي بما لا ينبغي.
الثانية : الانظلام : وهو الاستجابة في المقتنيات] (٥) بمن لا ينبغي وكما لا ينبغي.
ولهذا يكون الظالم كثير المال ؛ لأنّه يتوصّل إليه من حيث لا يجب فيما لا يجب.
__________________
(١) بيّنه في الدليل السابق : التاسع والثمانين من هذه المائة.
(٢) في هامش «ب» : (صفة) بدل : (فضيلة).
(٣) من «ب».
(٤) في «أ» : (أكثر) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) من «ب».