وكانت خطة معاوية في ذلك ، أن يستحوذ
الخلفاء الثلاث الأوائل ، على دور أهل البيت وعميدهم عليّ ، من خلال تضخيم دور
هؤلاء الخلفاء وتقزيم دور أهل البيت الذين واجهوا تشويهاً لسمعتهم ، وتعتيماً على
مكانتهم ، وتمييعاً لوجودهم الاجتماعي ، فعليّ الذي يُعدُّ عميد أهل البيت بعد
رسول الله ، فرض معاوية سبّه على المنابر في جميع صلوات الجمعة في المدن والقصبات
التابعة للحكم الاموي.
وفرض معاوية على الرواة والمحدّثين ، أن
يقابلوا كل منقبة لعلي ، بمناقب موضوعة للخلفاء الثلاثة الأوائل والصحابة أيضاً.
وهنا بدأت ملامح المدرسة السُنّية تتضح
شيئاً فشيئاً من خلال تعطيل دور أهل البيت ، ليصبحوا كسائر المسلمين ، فكما ان
لأهل البيت فضائل ومناقب جمّة ، فإن للخلفاء الأوائل وعموم الصحابة ، فضائل ومناقب
عظيمة أيضاً.
وجاء أصحاب السنن والصحاح والمسانيد ،
ليضعوا أبواباً في فضائل الصحابة والخلفاء الثلاث إلى جانب فضائل أهل البيت ، وكأن
الجميع سواء في الفضائل والمكانة السامية.
وعليه فإن الركائز الأولى لاهل السُنّة
، إنما وُضعت في بداية العهد الأموي ، واستمر معاوية بمنع تدوين السُنّة النبوية
أسوة بالخلفاء الثلاث الأوائل ، وحين أحسّ بدنو أجله ، أرغم الأمّة على البيعة
لابنه يزيد ، وخاصة الصحابة الكبار في المدينة المنورة ، مع علمه بانحراف يزيد
وعدم التزامه بالفرائض الدينية ، فضلاً عن لهوه وعبثه ومجونه. واستسلم الجميع لهذا
التوريث في الحكم إلا الحسين بن علي الذي رفض البيعة رغم كل الضغوط التي مارسها
معاوية ازاءه.
وحالما تسلّم يزيد سدّة الحكم والخلافة
، إثر وفاة أبيه معاوية ، دعا الحسين للبيعة ، فأبى أن يبايعه ، خاصة وانه أي يزيد
كان يجاهر بالفسق والفجور ، فأمر يزيد بقتله ولو