الله ، وبالتالي سوف لا يحق لبعضهم من التصدّي لحكم الأمّة كما يهوى ، ولذلك قال عمر بن الخطاب قولته المعروفة : «حسبنا كتاب الله».
فلو كان القرآن الكريم وحده هو العاصم من الضلالة ، وفيه الكفاية لتعريف الحلال والحرام ، فلِمَ يا ترى أدلى رسول الله بمئات الاحاديث لشرح وتفصيل آيات القرآن الكريم ، وتفسيرها تطبيقاً لقوله تعالى : لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (١)؟ ولماذا قال : «تركت فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً ، كتاب الله وسُنّتي» ، على قول الجمهور؟ ولماذا أوصى الناس في الكثير من أحاديثه الشريفة ، بسُنّته وضرورة اتّباعها؟
ثم هل يمكن استخراج أو استنباط الأحكام الشرعية من القرآن وحده بخصوص الفرائض والواجبات والأوامر والنواهي ، مع ان تشريعاته في هذا النطاق ، مُقتضية ومُجملة ، وعامة ومطلقة ، وهي بحاجة إلى تقييد وتخصيص وتفسير وشرح وتفصيل حتى تتبيّن وتتضح الاحكام والتشريعات بصورة تامة لا لبْس فيها ، ولا نقص ولا تقصير؟ ثم ان رسول الله في ذلك الموقف ، كان في حال تبليغ أمر مهم جداً ، يتحدد ـ بنيانه ـ مصير الأمّة الإسلامية ، وعند الجمهور المسلم ، أن النبي معصوم في حال التبليغ ، فكيف والحال هذه ، ان يهجر في تلك اللحظة والعياذ بالله؟!
وليت عمر بن الخطاب وعى بأنه لا يحق لأحد الوقوف بوجه النبي صلىاللهعليهوآله ، مهما علا شأنه وبلغت صحبته وعلاقته به صلىاللهعليهوآله ، لأن الرسول مُوحى إليه من قبل السماء ، وأعلم الخلق جميعاً بمصلحتهم ومصيرهم ، إلا إذا كان يعتقد أنه أعلم من رسول الله بمصير الأمّة وما ينجيها ويمنعها من الضلالة؟ فهل بقيت قداسة للنبوة ، وقيمة عليا للرسالة السماوية يا تُرى؟
__________________
(١) النحل ٤٤.