وأمّا الواجبات التعبّديّة فما ذكر سندا للمنع فيها يعمّ صورة التمكّن من تحصيل القطع أو الحجّة وعدمه ، ولازمه سقوط التكليف مع عدم التمكّن من تحصيل القطع ولا تحصيل الحجّة في المسألة ، مع أنّ الذي يظهر من كلامهم قصر المنع بصورة التمكّن من تحصيل الحجّة ، بل واستلزام الاحتياط للتكرار في العمل ، بل يظهر منهم قصر معقد الإجماع على المنع بصورة التمكّن من تحصيل العلم الوجداني دون الظنّ الخاصّ فضلا عن الظنّ المطلق.
والقصر من الجهات الثلاث وإن كان هو المتيقّن من معقد الإجماع المنقول على المنع ، لكن باقي الوجوه عامّة. ونحن نذكر تلك الوجوه مع ما فيها وبذلك نختم الكلام في حجّيّة القطع.
الأوّل : أنّ الاحتياط بالتكرار لعب بأمر المولى ـ يعني ينطبق عنوان محرّم على العبادة ـ وبذلك تخرج العبادة عن قابليّة التقرّب ولعلّ الحري أن يقال : إنّه استهزاء بأمر المولى وسخرية بأمره ، وإلّا فاللعب لا أصل له حتى لو كان الاحتياط لغوا عبثا وبدون داع عقلائي ، مع أنّ اللعب مع المولى ـ فضلا عن اللعب بأمره ـ ممّا لم يقم دليل على حرمته ولا يحكم العقل بقبحه.
وفيه : منع استلزام الاحتياط لشيء ممّا ذكر حتّى لو كان عبثا وبلا داع عقلائي فضلا عمّا إذا كان لغرض عقلائي ؛ فإنّ العناوين المذكورة تدور مدار القصد ، فإن كان القصد إلى ذلك ـ ولو في الإطاعة التفصيليّة ـ حرم ، وأيضا بطل إن انطبق العنوان على الفعل وقلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي ، وإلّا فلا.
الثاني : اختلال قيد قصد القربة في الاحتياط ، فيخرج عن كونه احتياطا ؛ فإنّ قصد القربة هو إتيان الفعل بداعي الأمر ، ومعنى ذلك صدور الفعل عن منشأ العلم بالأمر ، ومعلوم أنّ كلّا من أطراف العلم الإجمالي لا علم فيه بالأمر. والإتيان بداعي احتمال الأمر ليس من قصد التقرّب.
وفيه : أنّ كلا طرفي العلم الإجمالي يصدر بداعي العلم بالأمر المتعلّق بذلك الواحد المشتبه ، فتكون دائرة تحريك العلم الإجمالي أوسع من دائرة تحريك العلم التفصيلي ، فإنّه يحرّك إلى جميع أطراف الشبهة ، ويصدر جميع أطراف الشبهة بالعلم الإجمالي الواحد.
ويتّضح ذلك بملاحظة العلم الإجمالي بالمنافع والمضارّ في أطراف ؛ فإنّ الشخص إذا