قال : «يرجئه حتّى يلقي من يخبره ، فهو في سعة حتّى يلقاه» (١).
وأمّا رواية الحارث بن المغيرة فلا إشارة فيها بأنّ ذلك حكم صورة التعارض حتّى يكون معناه التخيير ، فيحتمل أن يكون المراد : موسّع عليك في العمل بأخبار الآحاد حتّى ترى القائم ، إلّا أن يقال ـ بقرينة تحديد التوسعة برؤية القائم ـ : يعلم أنّ ذلك حكم صورة المعارضة ، وإلّا فحجّيّة خبر الواحد غير مغيّا برؤية القائم ، وإن كان ذلك منقوضا بأنّ التخيير في الخبرين المتعارضين أيضا غير مغيّا برؤية القائم.
ثمّ لو سلّمنا أنّ مورده الخبرين المتعارضين منعنا أنّ معنى قوله : «موسّع عليك» هو التخيير في العمل بأيّهما شاء ، بل يحتمل قويّا ـ إن لم يكن ظاهره ـ أن يكون المراد هو التساقط والرجوع إلى الأصل ؛ فإنّ معنى التوسعة هو ذلك ، وإلّا فأيّ توسعة في الأخذ بخصوص الوجوب أو بخصوص التحريم الذي دلّ عليهما الخبران. ويشهد على ما ذكرنا جعل الحكم مغيّا برؤية القائم.
ومن ذلك يعلم الحال في الرواية الأولى ؛ فإنّ مادّة التوسعة في قوله : «فموسّع عليك بأيّهما أخذت» يناسب أن يكون الحكم تخييرا ، يجوز كلّ من الفعل والترك الذي دلّ عليه الخبران ، فكان الحكم ظاهرا هو الإباحة ، لا أنّه يتخيّر فيأخذ بكلّ منهما تعيينا فيصير واجبا معيّنا أو حراما كذلك بالاختيار.
وهذا مضافا إلى ما أشكلناه في معقوليّة التخيير بين الخبرين. فقد تحقّق أنّه ليس لنا دليل يدلّ على التخيير عموما.
المقام الثاني : في ذكر أخبار التوقّف
فمنها : ما عن ابن إدريس في السرائر عن كتاب مسائل الرجال علي بن محمّد عليهالسلام : أنّ محمد بن علي بن عيسى كتب إليه يسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك عليهمالسلام ، قد اختلف علينا فيه ، فكيف العمل به على اختلافه؟ أو الردّ إليك فيما اختلف فيه؟
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٣ / ٧ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٨ أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٥.