«المبحث الثاني في الفم» :
الفم هو أول أعضاء الحس مشاهدة ، وقد شاهده بعضهم في أصغر علقة شاهدها ، فبموجب ذلك يوجد من الثاني عشر إلى اليوم العشرين ، وتكون هيئته حينئذ فتحة عريضة جدّا بيضاوية ، أو مثلثة الفك العلوي من حيث إنه بارز مدّة كون السفلي قصيرا جدّا يصير فم العقلة البشرية مشابها لفم علقة الحية.
«المبحث الثالث في كيفية تكون الشفة» :
اعلم أن المشرّحين اختلفوا في كيفية تكون الشفة السفلى ، فظن جميعهم أنها تكون أولا مركبة من جزءين جانبين ينتهي حالهما بأن ينضما على الخط المتوسط كالقطعتين العظميتين الحاملتين لهما لكن لا يتم ذلك في الشفة العليا إلا على رأي أن الفك مكون من عظمتين ، أما على حسب ما اختاروه الآن من أن هناك عظما بين الفكين العلويين ، فيلزم أن يكون نمو هذه الشفة من ثلاثة أجزاء : جزء متوسط وجزءين جانبيين ، وبانضمامهما لبعضهما يتولد عمودان أو عرقان أنفيان شفويان ، وعلى مقتضى هذا البيان وضح المشرّحون تكون الشفة الأرنبية البسيطة والمزدوجة التي على حسبها لا توجد على الخط المتوسط ، بل بالغ بعضهم في أنها متكونة من أربعة أجزاء منفصلة ، لكن للظن في ذلك مجال قال بعضهم : إن في الدور الذي بحثت فيه وجدت الشفة السفلى في ابتداء تمييزها والدقن برز منها الجزء المتوسط إلى الأمام وحافتها السائبة الرقيقة جدا ليست مقطوعة بثلم أصلا ، بل كانت على شكل نصف دائرة منتظمة جدا ، وبالجملة وجدت في علقات لها ستة أسابيع كما وجدت في غيرها ممن له عشرون يوما ونيف أن حافة الشفتين متكونة جيدا وليس فيها انقسام ، فالتزمت أن شك في وجود عظم بين الفكين في النوع البشري.
«المبحث الرابع في الأنف» :
ليس من الصحيح أن يقال : إن عضو الشم لا يمكن أن يعرف إلا من الأسبوع السادس إلى الثامن ، فإن في الثلاثين يوما يمكن في الغالب أن تتميز فتحتاه المتقدمتان وتكونا مستديرتين ويشاهد أعلى الفم حالا وتتجها إلى الأمام فتشبها بقصتين صغيرتين مسودتين ، نعم قد لا تشاهد هاتان ـ أي الفتحتان ـ في بعض مضغات لها من خمسة أسابيع إلى سبعة ، وإنما يشاهد محلها نتوء بارز.
«المبحث الخامس في الأعين»
الأعين تظهر مع الفم إن لم توجد قبله ، قال بعضهم : وقد رأيتها في علقة طولها لم