بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ) [السّجدة : الآية ٤]. وقال تعالى : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما.) وقال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) [ق : الآية ٣٨].
وأما السؤال الرابع فجوابه : أن المراد أنه تعالى خلق السماوات والأرض في مقدار ستة أيام ، أي ستة مقادير متساوية في الزمن ، وهو كقوله تعالى : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم : الآية ٦٢]. والمراد على مقدار البكرة والعشي في الدنيا ؛ لأنه لا ليل ثم ولا نهار.
وأما السؤال الخامس فجوابه : أن قوله : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (٥٠) [القمر : الآية ٥٠]. محمول على إيجاد كل واحد من الذوات وعلى إعدام كل واحد منها ؛ لأن إيجاد الذوات الواحدة وإعدام الموجود الواحد الذي لا يقبل التفاوت لا يمكن تحصيله إلا دفعة واحدة ؛ لأنه تعالى لما قال للسماوات والأرض : كونا. فكانتا دخانا فأخذ كل ذات حيزه ، وأما الإمهال والمدة فذلك لا يحصل إلا في مقدار المدة.
(المسألة الرابعة):
في هذه الآية بشارة عظيمة للعقلاء ؛ لأنه قال : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [الأعراف : الآية ٥٤]. والمعنى أن الذي يربيكم ويصلح شأنكم ويوصل إليكم الخيرات ، ويدفع عنكم المكروهات هو الذي بلغ كمال قدرته وعلمه وحكمته ورحمته إلى حيث خلق هذه الأشياء العظيمة ، وأودع فيها أصناف المنافع وأنواع الخيرات ، ومن كان له مرب موصوف بهذه الحكمة والقدرة والرحمة فكيف يليق أن يرجع إلى غيره في طلب الخيرات أو يعول على غيره في تحصيل السعادات ، ثم في الآية دقيقة ؛ فإنه لم يقل أنتم عبيده ، بل قال : هو ربكم. ودقيقة أخرى وهي أنه تعالى لما نسب نفسه إلينا سمى نفسه في هذه الحالة بالرب وهو مشعر بالتربية وكثرة الفضل والإحسان ، فكأنه يقول : من كان له مرب مع كثرة هذه الرحمة والفضل فكيف يليق به أن يشتغل بعبادة غيره.
(المسألة الخامسة):
في قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف : الآية ٥٤].
(اعلم) أنه لا يمكن أن يكون المراد من كونه مستويا على العرش أنه مستقر على العرش ، كما يخطر ببالنا ، ويدل على فساده وجوه عقلية ووجوه نقلية ، أما العقلية.