ذلك ، والواسطة الفريدة في التخلص من هذه النتائج هي تقليل حس العطب
باستعمال بعض الرياضيات العضلية وبالنوم وبتجنب تحميل المعدة من الأغذية زيادة عما
تطيقه وبالاستحمام بالماء الفاتر وسكنى الأرياف وبالخصوص عدم شغل العقل.
«المقالة السادسة»
في قوله تعالى
: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ
الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا
قَلِيلاً) [الإسراء : الآية ٨٥].
وفي الآية مسائل :
«المسألة الأولى» :
للمفسرين في
الروح المذكورة أقوال أظهرها أن المراد منه الروح الذي هو سبب الحياة ، روي أن
اليهود قالوا لقريش : اسألوا محمد عن ثلاث ، فإن أخبركم باثنتين وأمسك عن الثالثة
فهو نبي ، اسألوه عن أصحاب الكهف ، وعن ذي القرنين ، وعن الروح. فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن هذه الثلاثة ، ففسر لهم قصة أصحاب الكهف وقصة ذي
القرنين ، وأما قصة الروح فنزل فيه قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ
الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [الإسراء : الآية ٨٥] وبين أن عقول الخلق قاصرة عن معرفة حقيقة الروح ،
فلذلك قال : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ
الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : الآية ٨٥]. ومن الناس من طعن في هذه الرواية من وجوه : (أولها)
: أن الروح ليس أعظم شأنا ولا أعلى مكانا من الله تعالى ، فإذا كانت معرفة الله
تعالى ممكنة بل حاصلة ، فأي مانع يمنع من معرفة الروح. (وثانيها) : أن اليهود
قالوا : إن أجاب عن قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين ولم يجب عن الروح فهو نبي ،
وهذا كلام بعيد عن العقل ؛ لأن قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين ليستا إلا حكاية
من الحكايات ، وذكر الحكاية يمتنع أن يكون دليلا على النبوة ، وأيضا فالحكاية التي
يذكرها إما أن تعتبر قبل العلم بنبوته أو بعد العلم بنبوته ، فإن كان قبل العلم
بنبوته كذبوه فيها ، وإن كان بعد العلم بنبوته فحينئذ صارت معلومة قبل ذلك ، فلا
فائدة في ذكر هذه الحكاية. (وثالثها) : أن مسألة الروح يعرفها أصاغر الفلاسفة
وأراذل المتكلمين فلو قال الرسول صلىاللهعليهوسلم : «إني لا أعرفها». لأورث ذلك ما يوجب التحقير والتنفير
، فإن الجهل بمثل هذه المسألة يفيد تحقير أي إنسان كان ، فكيف الرسول الذي هو أعلم
العلماء وأفضل الفضلاء. (ورابعها) : أنه تعالى قال في حقه : (الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ) (٢) [الرحمن : الآيتان ١ ، ٢] بناء على أن المراد بالقرآن